في كل مرة يشير أحد ما إلى حجم السوء في مواقف دولة عربية ما ولا سيّما من دول الخليج، تهبّ أصوات وأقلام صبيانها في البلاد بحجة الخوف على مصير وأرزاق "اللبنانيين" المقيمين فيها بداعي العمل. 
وفي كل مرّة يُطرد فيها لبناني من دولة خليجية، نجد السياديين هنا يحمّلون مواقف حزب الله مسؤولية طرده، ويتحدثون، همسًا وجهرًا، عن خطر ازعاج السلطات الخليجية. وجميعنا نعلم أن أرزاق اللبنانيين هناك مجرد غطاء يخفي خلفه هؤلاء السياديون ارتزاقهم لصالح تلك الأنظمة وتلك السلطات.
باختصار، ثمة ثمانية شبان لبنانيين، تم اختطافهم واحتجازهم ووضعهم قيد التوقيف والمحاكمة في دولة الإمارات والتهمة: تمويل ودعم حزب الله وتأسيس خلية ارهابية. هؤلاء لا تؤرق قضيتهم أياً من دعاة "السيادة" التي أقصى سقف لها أن يقبلها السلطان جارية في بلاطه.. ولا يشكّل ملف اعتقالهم مادة يتناولها الاعلام كفضيحة تطال "الدولة" التي يحمل هؤلاء الشبان جواز سفرها، و"الدولة" التي تختطفهم ولا تجد من يسائلها عن مصيرهم.
أحمد نمر صبح‬، عبد الرحمن طلال شومان‬، حسين محمد بردى، جهاد محمد علي فواز‬، محسن عبد الحسين قانصو‬، حسين ابراهيم زعرور‬، علي حسن فواز‬، ومصطفى كريّم، هم شبان لبنانيون يقيمون في دولة الإمارات بداعي العمل. تمّ اعتقالهم في ظروف غامضة منذ عام وشهرين تقريبًا.. التهمة الجاهزة كانت تمويل حزب الله. لن نخوض في نقاش حول شرف أن تكون متهمًا بدعم الحق بمالك، ‬إلا أنه من أقل الإيمان أن نسأل عن دليل الاتهام. دليل السلطات الإماراتية كان وجود بضعة صور لمطار دبي بحوزة "المتهمين"، وايصالات تحويل اموال!
بكلام آخر، كل مغترب قابل لتهمة كهذه، لشرف كهذا، ان كان الدليل صورة في مطار، وايصال تحويل مالي. لذا، سيبدو منطقيا مثلا أن تقوم هذه السلطات باحتجاز كل المغتربين، ومحاكمتهم أيضًا، لا سيّما بظلّ غياب أي نوع من المتابعة للملف من الجانب اللبناني الذي يتصرف حتى اللحظة وكأنه ليس طرفًا في القضية، كي لا نقول إن الأمر يبدو وكأن طرفًا ما في لبنان يسعى نحو الدفع باتجاه محاكمة "المتهمين" بدعم حزب الله بل ومعاقبتهم أشد العقاب عسى بذلك يتمكنون من هزيمة حزب الله، التي عجزوا عنها، واسيادهم، في كل ميدان ومواجهة.
طبيعة التهمة وماهيتها وادلتها تدين السلطات في لبنان والامارات، هذا ان سلّمنا جدلًا أن الشبان الثمانية هم فعلا من داعمي المقاومة بالمال وبالصور.. وبمناسبة الصور، يمكننا أن ندعو السلطات الاماراتية الى محاكمة غوغل ايرث الذي يعرض صورًا تفصيلية لكافة الاماكن في العالم ومن ضمنها مطار دبي.. ويمكنها أيضا أن تدين كل من يرسل الأموال إلى أهله، فلربّما يقوم الاهل بوضع جزء منها في "قجة" دعم المقاومة. 
المقاومة التي تؤرق العدو الصهيوني، وبالتالي تؤرق أدواته، هي التهمة التي لو استطاع حاكمو الامارات وأمثالهم أن يقوموا بإبادة كل من يخفق قلبه شرفًا بالانتماء إليها، لما تأخروا لحظة. وقد تكون محاكمة هؤلاء الشبّان هي بداية النمط. لذا وجب أن تقوم "الدولة" اللبنانية بواجباتها الشكلية تجاه مواطنيها في الاغتراب والتي أقلّها السؤال، حفظًا لماء وجهها على الأقل، وحرصًا على جعل الصورة التي تحاول اظهارها كدولة أكثر قابلية للتصديق!

 

المصدر: خاص شاهد نيوز

المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع