قد تكون ميّزة إطلالات السيد نصر الله، بمختلف المناسبات، أنها تمنح الناس الشعور بالأمان، حتى أولئك الذين قلوبهم ليست مهيأة لحبّه، لأسباب بعضها مذهبي، وبعضها سياسي. يستطيع هذا الأمين أن يبث جرعات من الأمل الممزوج بالثقة كون مصداقيته خارج النقاش حتى في الأطر الأكثر عدائية لنهجه، ومثال على ذلك تسمّر المستوطنين الصهاينة أمام الشاشات وانتظار ما سيقوله.
حين يقول صاحب الوعود الأصدق بأن من ثوابت حزب الله عدم المس بالفقراء وذوي الدخل المحدود، يقرأ الفقراء في ذلك وعدًا بالأمان ولو النسبي، بأن وضعهم السيئ لن يزداد سوءًا.
فقد اعتدنا أن ثوابت حزب الله خارج أي نقاش، وندري أن لو لم يكن من ثوابته عدم الانجرار الى حرب أهلية، لكنا نشهد منذ ٢٠٠٥ الحواجز على الهوية التي اجهد الأميركي ادواته في سبيل اعادة نصبها، وما نال ونالوا الا الخيبة.
يتحدث السيد إلى ناسه بلهجتهم، بهواجسهم.. يمد لهم ضحكته يدًا تخبر قلوبهم أنّه هنا، فيهبهم ما يحتاجونه من ثقة وأمان بأنهم سيتجاوزون هذه المرحلة التي تعتبر من أصعب المراحل معيشيًا واقتصاديًا.
ثم يأتي من يسأل عن السر الذي يربطه بهؤلاء الناس.. عن اليقين الذي يلمع في عيونهم في محضر خطابه! ويأتي من يحاول أن يزايد عليه في الحرص على مصالح الناس! قد لا يفهم هؤلاء أن لا سرّ إلا الصدق.. الصدق الذي بالدم تعمّد وبالحب.
هذه الثقة وهذا الأمان حبل يتواصل، يتراكم، يقارب الحرب النفسية التي أحد فصولها ما صدر عن إحدى الصحف الكويتية حول اعتبار الصيف الآتي موعدًا للحرب، وببسمة الواثق من النصر يؤكد عدم جهوزية العدو لخوض الحرب، وانتهاء الزمن الذي يستطيع فيه هذا العدو أن يحسم المعركة بسلاح الجو.. هنا أيضًا، يتلقى السامعون حديثه ببسمة تقول له: وإن دفع الجنون العدو إلى خوض الحرب سنخوضها معك، ومعك سننتصر.. ويأتي جوابه على ما ورد في نبض القلوب أنه سيكون مع المصلين في القدس.. هنا، لا يمكن إلا لأعمى القلب أن يتحاشى تسارع النبض ورفة الجفن التي تود أن تكتب بالضوء أن "لبّيك"!
وهنا، يقف الاعلام "الخليجي" الشريك في الحرب النفسية على المقاومة وناسها، بل رأس الحربة فيها، كمن تلقى صفعة يحتار كيف يبتلعها، أو يداريها، كونه على دراية أنه لن يتمكن من ردها.. يذهله أن متابعيه وقرّاءه هم أول الهازئين به، وبتحليلاته الفارغة، التي تحيط بها ألف شبهة وألف إدانة. يحاول أن يخفي عجزه بمكابرة مدفوعة الأجر، فتراه يحاول التعتيم على حقيقة أن لا ثقة إلا بما يقوله سيد صادق منتصر يمتلك قرار الحرب والنصر، ولو كتبوا في كل عدد من صحفهم كل ما يرد في مخيلتهم من أمنيات وهلوسات.. هذا الاعلام الذي يفوح بفضيحة شراكته بقصف المقاومين في اليمن وفلسطين وسوريا ولبنان، يحصد في كل صباح المزيد من العار الذي يكتبه التاريخ باسم من يوقّعون أسماءهم في نهاية مقالته المكتوبة، ومن يهرعون إلى تغطيات تلفزيونية مأجورة مشبوهة. هؤلاء، لو امتلكوا ولو قطرات ضئيلة من الشرف، لكفّوا عن الخروج إلى القراء والمشاهدين واكتفوا بما جنوه إلى اليوم من الخيبة والخزي..
ختامًا، بدأ الأمين كلامه بالحب لمن "استضعفوا في الأرض" في سيريلنكا يوم أمس.. هذا السيد الذي من طينة العشق الذي بلا حدود، شخّص بكلمات قليلة، بتحية تضامن صادقة، حقيقة الصراع في الأرض، بين مستكبر ناهب قاتل وبين مستضعف منهوب شريف.. بين بسمات تستحق العيد وقلوب قاتمة تقتل الاعياد، في سائر أنحاء الأرض، ليسقط مرة جديدة قناع الحدود المذهبية والطائفية والعرقية عن وجه الصراع.. 
له، لأمثاله وإن كانوا قلّة قليلة، كل الولاء، ولنا أن نتباهى بأن عشنا زمنه، وكنا فيه من الفقراء الذين أنعم الله عليهم أن يكون نصر الله نصرهم..

 

المصدر: خاص شاهد نيوز

المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع