تداول الإعلام اليوم ورقة سُمّيت بورقة الحريري، تتضمن خطّة "اقتصادية" كارثية بكل المعايير المعروفة حتى اللحظة، وقيل إنه قام بتوزيعها على القوى الأساسية في الحكومة لمناقشتها وتداول مضمونها كطرح جدّي.
بالشكل العام، لا تتضمّن الورقة أي بند لا يشبه النهج الحريريّ منذ التسعينات، أي منذ أن انتقل البلد من مرحلة خطوط التماس التي تريق الدم  إلى مرحلة خطوط الاستثمار التي تعمل على تفريغ الفقراء من دمهم. لذلك، خلال مطالعة هذه الورقة الحافلة بالأرقام والتي تقوم على شعار "خفض النفقات" وتمرر الخصخصة وكأنها الحل السحري، يمكن للناظر أن يلمح الحريري الأب مارًا في مجلس النواب، ويمكن لحنجرتك أن تردد مع العزيز نجاح واكيم عباراته الشهيرة ذات جلسة قلّ فيها المعترضون.
تنص الورقة السيئة الذكر على خطوات عديدة أبرزها خفض الاجور بنسبة ١٥٪؜ لمدة ثلاث سنوات على أن تُعاد إلى أصحابها تباعًا وابتداءً من العام ٢٠٢٢، مضافًا إليها فوائد بحسب "الشغل"! بكلام آخر، يقترح الحريري على جميع الموظفين أن يستثمروا مرغمين نسبة من رواتبهم، ويعدهم بأن تعود إليهم بعد سنوات ثلاث مع الأرباح.. يبدو هنا رجل الأعمال الذي اشتهر بفشل ادارته المالية للشركات التي ورثها من دمنا عن أبيه، يحاول أن يدير أجور العاملين في ما يظنه شركة خاصة موروثة أيضًا، أي "الدولة"! وتكمن الأزمة في أن تاريخه الإداري الاستثماري شهير بالسير على حافة الافلاسات وبالفشل الذريع كحالة سعودي أوجيه وتلفزيون المستقبل.
كذلك تنص على خفض التقديمات التقاعدية للموظفين ورفع سعر المحروقات وكذلك رفع الضريبة على القيمة المضافة، وبطبيعة الاحوال تعفي الدائنين واصحاب الاملاك من أي "واجب" ضريبي يُذكر! بل وتعدهم بالحفاظ على ما حصّلوه مسبقا من  الحريري الأب من حوافز واعفاءات.
نعم، بهذه البساطة يستعرض الحريري سعد مشروعه الاقتصادي ويبهرنا، كعادته، باعتباره ايانا جمعاً من السذّج.. لقد نسي الشاب الذي يشغل منصب رئيس الحكومة أن يقترح علينا أن نأكل البسكويت في حال عجزنا عن شراء الخبز.
الجميل في الأمر أنه يتم تداول هذه الورقة ببنودها الكارثية بعد حديث السيد نصر الله يوم أمس عن اعتبار المساس بأجور ذوي الدخل المحدود خطًا لا يمكن تجاوزه وعن الانفتاح على كل نقاش يضع حلولا اقتصادية للوضع الذي يزداد سوءًا يومًا بعد يوم.. هل يعني الحريري أن هذا ما بحوزته للنقاش وبالتالي يؤدي دوره كمواطن سعودي مكلّف أمريكيا بعرقلة كل امكانية للمضي قدما بالاستقرار في البلد، أم أنه فعلا يعني ما يقترحه وبالتالي ما علينا الا انتظار تداوله مع سائر القوى الاساسية في الحكومة والتجهّز لأزمة حكومية جديدة؟
بكل الاحوال، ما قاله السيد نصر الله بالأمس كفيل بأن نكون على يقين أنّ يد "ذوي الاوراق الاقتصادية" لن تتجرأ على سحب المزيد من دمنا، نحن ذوي الدخل المحدود جدا، الذين دعانا وريث ماري انطوانيت منذ فترة قريبة إلى التقشّف!

 

المصدر: خاص شاهد نيوز

المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع