لم يمضِ الزمن بعد على المحاكمة السريّة التي جعلت آل سعود يرتكبون مجزرة "قطع الرؤوس" بحق اكثر من ثلاثين مظلوماً. ولم يفهم أحد بعد كيف تمّت تلك المحاكمة وأين، وما هي أدلّة الإدانة، عدا عن التهمة التي جميعنا يعلم أنها "تركيبة" لا تعبر إلا عن هوس آل سعود بسفك الدم والإجرام. مرّت الجريمة على "العالم" المتشدّق بحقوق الإنسان وكأنها لم تحدث أصلا.
في سياق لا يبدو بعيدًا عن سياق تلك المجزرة، يقبع ثمانية مغتربين لبنانيين في سجون الإمارات، يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب التي لا يمكن للخيال أن يحيط بها، ممنوعين من لقاء عائلاتهم أو محاميهم.. يقبعون هناك، ولم يحظوا بعد بلفتة من "دولتهم" تطالب بهم، أو حتى بمعلومات عنهم. ينتظرون موعد محاكمتهم الصورية في الخامس عشر من الشهر الجاري، والتي تحدثت الاوساط عن كونها محاكمة ستفضي إلى الحكم عليهم بالسجن المؤبد. يقبعون هناك، وتتناقص الايام الفاصلة عن الحكم الجائر عليهم، وما عادوا يمتلكون إلا الدعاء بأن تتدخل الخارجية اللبنانية قبل إصدار الحكم، وقبل أن يصبح حبسهم المؤبد أمرًا واقعًا لا يستطيع أحد حياله شيئًا.
في هذه الأثناء، ثماني عائلات تتحلق حول الرجاء.. ترجو الأيام أن تمر بطيئة عسى تتحرك وزارة الخارجية اللبنانية المعنية مباشرة بكل قضايا المغتربين.. ترجو أبناءها الأسرى خلف زنازين لا ترحم أن يتجلدوا قليلا بعد عسى يسعى المعنيون إلى تحريرهم قبل المحاكمة المبنية على أدلة واهية وتهم ذات خلفية "متصهينة".
في هذه الأثناء، تعدّ أمهاتهم وأخواتهم وزوجاتهم الدقائق بانتظار خبر يخفف الحريق الذي في قلوبهن، وتتجه قلوب آبائهم وأبنائهم واخوتهم نحو أي إشارة تدل على فرج قريب.. وفي هذه الأثناء، ثمانية رجال، وجدت فيهم السلطات الإماراتية سمات تدل على الشرف الوطني، فقامت باحتجازهم، وتخطط لاعتقالهم مؤبدًا عسى ترفع من رصيدها لدى الصهاينة والأميركيين.
يمر الوقت.. أيام قليلة تفصلنا عن يوم المحاكمة التي نعلم سلفًا أنها شكلية وصورية وهدفها فقط جعل اعتقال الشبان الثمانية يبدو وكأنه أمر قانوني. بالمقابل، لم يتحرك ساكن حتى اللحظة بشكل فاعل وجدي على الأقل للاطلاع على ملفات هؤلاء الأسرى ومحاولة اعادتهم إلى أهلهم.. لم يقم أحد من المعنيين وظيفيا وقانونيا في لبنان بمتابعة أوضاعهم وبمقابلة أهلهم على الأقل لطمأنتهم.. ولا يمكن إلا الاستمرار في محاولة إيصال الصوت قبل الخامس عشر من أيار، موعد المحاكمة، ودفع المعنيين للتحرك قبل فوات الأوان. هذه القضية ليست قضية جنائية. ليست قضية ارتكب فيها مغترب جريمة في البلد الذي يعيش فيه. المسألة سياسية بالدرجة الأولى، وهم توصيفا أسرى ومعتقلون، وبالتالي لا يمكن انتظار أن تحولهم سلطات الامارات إلى محكومين وفقا لأدلة واتهامات غير واضحة، لأن بعد ذلك سيصبح الأمر أكثر صعوبة إن لم نقل مستحيلا..
لم يفت الأوان بعد إلا أنّه سيفوت إن استمر الصمت "اللبناني" حيال هذا الملف.. ما زال بالإمكان فعل شيء لتحريرهم، قبل أن ندخل في مرحلة قد لا تنتهي إلا بانتظار أن ينهوا أحكامهم المؤبدة التي إن صدرت ستكون مبرمة ولا عودة عنها. هي صرخة نحاول إيصالها، عسى تجد سبيلا إلى اذان وقلوب المسؤولين عن شؤون المغتربين، عن شؤون الذين ارتضوا الهم والغربة في سبيل البحث عن لقمة العيش الكريم لهم ولعائلاتهم، وما رضيت الغربة إلا أن تحولهم إلى أسرى لدى سلطات جائرة، منسيين من السلطات التي من واجبها حمايتهم..
موقوفو الإمارات هم أبناؤنا جميعًا، إن لم نتحرك لأجلهم، وإن لم نطالب برفع الظلم عنهم، فكل أبنائنا في الغربة لا سيما في الإمارات ودول الخليج معرضون للمصير نفسه.. فليضع كل واحد منا نفسه مكان أهلهم برهة، وبعدها فليخبرنا بما يشعر..

 

المصدر: خاص شاهد نيوز

المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع