يوماً بعد يوم يتبين مدى قصر نظر حكام آل سعود في السياسة وإدارة الموارد والميزات التي وهبها الله لهم. فحكم آل سعود يرتكز على ركيزتين أساسيتين هما: البعد الديني والموارد الاقتصادية، وعندما تختل أي ركيزة منهما سيكون سقوط حكم آل سعود حتمياً، فما هي مؤشرات سقوطه؟
بعد تسلم الأمير المتهور محمد بن سلمان مقاليد الحكم الفعلي في السعودية في ظل والده الملك سلمان، يلاحظ المراقبون ممارساته المتهورة التي تقود بلاده نحو الهاوية، بدايةً من حرب اليمن التي تكبد الخزائن السعودية المليارات شهرياً وتجبرها على إبرام صفقات الأسلحة مع أميركا والدول الأوروبية، والانفاق المهول على الحرب منذ خمس سنوات، الذي لم يحصد سوى إراقة الدماء البريئة. إن الوضع الاقتصادي السعودي ينذر بالانهيار واستمرار تبعية آل سعود العمياء لسيدهم الأمريكي، الذي يبتزهم تارةً بحمايتهم من إيران وطوراً بتسليحهم في حرب اليمن. والأكثر إيلاماً على اقتصاد آل سعود هو تبرع المملكة لسد فراغ النفط الإيراني بعد العقوبات الامريكية على ايران، ما يهدد احتياطاتها النفطية بالنفاد مع الوقت. هذان المؤشران أديا إلى زيادة العجز في الموازنة ومن المرجح ازديادها أكثر في السنوات القادمة.
دينياً، يتجلى الانصياع التام من قبل الشريحة الأكبر من السعوديين من الطائفة السنية لحكام آل سعود، حيث يعتبرونهم ولاة أمرهم، ولحماية هذه الركيزة جند لها آل سعود المفتين والدعاة والخطباء لكي تحافظ على ولائها مع تذكيرها دائماً بعدم جواز الخروج على الحاكم. أما ما قام به ابن سلمان في الآونة الأخيرة من اعتقال الدعاة السنة الذين يتعرضون لأبشع ألوان التعذيب في السجون بغية تغيير آرائهم الرافضة لممارساته ولرؤية 2030 وهيئة الترفيه التي تضرب الكثير من الثوابت الدينية لدى المجتمع فقد اثار حفيظة هؤلاء. لكن المستجد اليوم تناقل صحف ووسائل إعلامية عالمية خبراً مفاده نية ابن سلمان إعدام ثلاثة من الدعاة بعد عيد الفطر. هذه الخطوة غير المستغربة من الأمير الظالم تبين للمجتمع السعودي بأجمعه أن ظلمه ليس ضد شريحة من المجتمع فقط بل ضد كل من يقف بوجهه أكان سنياً أم شيعياً، فمصيره قطع الرأس والتهمة هي الخروج على ولاة الأمر. وقد حرص بن سلمان سابقاً على إظهار صورة الأمير العادل عبر تنفيذ الاعدامات من المذهبين السني والشيعي، لكن اعدام الرمزين الشيعيين "الشيخ نمر باقر النمر والشيخ محمد العطية" وكذلك إعدام الرموز السنية من الدعاة "سلمان العودة وعوض القرني وعلي العمري"، سيسقط هذه الصورة.
إن إعدام الدعاة السنة الثلاثة سوف يكون الفأس التي ستقطع جذور حكم آل سعود من تراب أرض الحجاز المقدسة، لأنه سيحرك مشاعر السعوديين ويوقظ ضمائرهم لكي ترى حقيقة هذا الحكم الظالم الذي يحكمهم، ويبطش بكل من يخالف رأيه وإن كان الشخص معتدلاً وحتى لو لم يحمل سوى القلم والرأي. هذه الإعدامات إن تمت ستوحد كلمة الشعب السعودي من أجل استعادة أرضه من مغتصبيها، فنهاية حكم آل سعود باتت مسألة وقتٍ لا أكثر وذلك سيكون بيد ابن سلمان الذي أصبح قاب قوسين أو أدنى من تدمير ركيزتي حكمه.
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع