تمر منطقة الخليج العربي في وقتنا الراهن بموجة تصعيد مهولة بين كلٍ من الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الخليجيين من جهة وبين إيران وما تمثل من محور المقاومة من جهةٍ أخرى، فالحوادث المتتالية التي حصلت في منطقة الخليج بدءاً باستهداف ناقلتي نفط في ميناء الفجيرة وصولاً لحادثة إسقاط طائرة التجسس الأمريكية في مجال إيران الجوي، وضعت المنطقة فوق برميل بارود غير معلومٍ متى ينفجر. في خضم هذه الأحداث تعالت أصوات محللين وانبرت أقلام خليجية للتحريض على شن حربٍ على إيران.
منذ أن تأسست الدول الخليجية في هيأتها الحديثة قامت بإغفال الجانب الدفاعي لديها حيث إنها لم تبالِ بوضع خطة حرب لأن هذا الاحتمال لم يكن في حسبانها لاعتمادها على الحماية الأمريكية التي تؤمنها قواعد الأخيرة، ومضت في خططها لتجهيز بنية تحتية لاقتصادها ونموها، إلى أن قررت السعودية وحلفاؤها الدخول في حرب اليمن التي تعد أول حربٍ سعوديةٍ بهذا الحجم منذ تأسيس مملكتها. وبعد مضي خمسة أعوام ما زالت تتكبد الخسارة تلوى الأخرى، ويخرج المحللون السعوديون ليدعوا أن مملكتهم تستطيع سحق اليمن في أربعة أيام، وكتابها يتحدثون عن الجانب الإنساني في اليمن الذي يمنع السعودية من تحقيق النصر، فحرب اليمن أظهرت عجز القوة العسكرية الخليجية وكذلك بينت هشاشة الحماية الأمريكية التي كانت تعتمد عليها، فمن هذا المنطلق كيف تعاملت الرؤوس الخليجية الحامية من كتاب ومحللين مع الأحداث التي مرت بها منطقتهم خلال هذه الأسابيع المنصرمة؟
من يتابع المحللين الخليجيين يدخل بنوبة من الضحك تكاد تقضي عليه، فعلى سبيل المثال:
محلل سعودي يستعرض قدرات بلاده الصاروخية فيقول: "لدى السعودية صاروخ واحد اسمه DF3 ومعروف برياح الشرق يحمل عدة رؤوس، رأس تقليدي يحمل 2 طن، ويمكن أن يستخدم فيه رأس آخر يصل وزنة إلى 3 ميغا طن، وقادرعلى إبادة الآلاف من الإيرانيين".
محلل آخر يهدد إيران بصاروخ نووي سعودي قادر على إبادتها ومحوها عن الخارطة.
أما الكتاب فمنهم من دعا الولايات المتحدة لشن حملة عسكرية على إيران وبعدها تراجع ودعاها لتوجيه ولو ضربة محدودة وعندما لم يتلقوا الرد الأمريكي المناسب تحولوا للدعوة إلى رص الصفوف الخليجية لمواجهة إيران، والمضحك في التحليلات قول أحدهم، "إيران قامت باستهداف الناقلات في خليج عدن بغية استدراج أمريكا إلى الحرب، لأن إيران في الحرب قادرة على أن تصمد عدة أشهر وإن انهزمت فتكون على يد عدوتها أميركا، لكنها لا تفضل العقوبات الاقتصادية عليها والتي ستصل لذروتها الشهر القادم والتي سيكون من نتائجها انتهاء الحكم في إيران على يد الشعب الإيراني"، وهناك من قال بأن دول الخليج لا تريد الحرب ولكن إن حصلت فستدافع عن نفسها، فلنرَ هل الدول الخليجية قادرة على ذلك؟
عدة ثغرات ونقاط ضعف تبين عدم قدرة الدول الخليجية على خوض الحرب والصمود فيها، وهناك مؤشرات حديثة تدل عليها:
الدول الخليجية لا تمتلك الملاجئ لحماية الشعب من تبعات أي حرب، لذا إن وقعت فالخسائر البشرية ستكون هائلة.
مخزون الغذاء الخليجي يكفي فقط لستة أشهر، وكذلك احتياطي منتجات الوقود لشهرٍ واحد، هذا بحال فقط اغلقت المضائق الخليجية ولم نتحدث عن حرب مباشرة تدخل بها الدول الخليجية، حيث لن تصمد الدول الخليجية لأسبوع واحد، وهذا ما قالته الدول الخليجية نفسها عن حصارها لقطر.
الشعب الخليجي غير مؤهل لخوض أي حرب والدليل ما حدث منذ أيام من انقطاع الكهرباء في المناطق الجنوبية للسعودية لعشر ساعات فتذمر المواطنون وطالبوا باستقالة الوزير فكيف سيتحملون حرباً لأيام من دون كهرباء؟
القوات الأمريكية أثبتت فشلها بحماية الدول الخليجية والدليل الضربات اليمنية المتلاحقة على الأراضي السعودية والاماراتية دون أن تعترضها القوات الأمريكية، كذلك أظهرت حرب اليمن هشاشة الدفاعات الجوية الأمريكية التي دفعت الدول الخليجية المليارات للحصول عليها، حيث فشلت بصد الصواريخ وضرب المسيّرات اليمنية.
دول الخليج كلها تحت مرمى صواريخ إيران وقد تحدث باحث غربي عن أن القواعد العسكرية الأمريكية المنتشرة في الخليج مع جميع الدول الخليجية لن تكلف إيران سوى 123 صاروخاً دقيقاً تصيب بها أهدافاً حيوية.
لذا نقول للرؤوس الخليجية الحامية كفاكم تهويلاً ودعوةً للحرب على إيران لأن دولكم غير مؤهلة لهذه الحرب أبداً، والكلام عن أن دولكم ستتصدى لإيران إن فرضت عليكم أي حرب هو ادعاء فارغ، لأن إيران لا تريد أي حربٍ معكم، ولكن إن راهنتم على أمريكا لحمايتكم والقتال من أجلكم فالجواب لدى سيدكم ترامب الذي قال بأنكم لستم سوى أداة لجلب المال له، فهو لا يرى فيكم سوى حصالة للأموال المجانية، وهو غير مستعد لتعريض جنوده ومصالح بلاده للخطر من أجلكم، الحل واضح وصريح يكمن بالتعاون مع إيران والاتفاق معها على كيفية الخروج من حرب اليمن وتسوية أوضاع المنطقة، غير هذا الكلام لن ينفعكم ولن تكونوا خارج دائرة المواجهة، فمتى تستيقظون؟
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع