المتابع للصحف السعودية وكتابها يمكنه وبكل بساطة أن يرى مدى تماهي هذه الصحف مع تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتناقضة بشأن قضايا عدة في المنطقة، فعند كل تصريح ينبري الكتاب لتناول مناقب ترامب وفكره النير، وخاصة إن كان التصريح يطال إيران ومحورها في المنطقة، فكيف يتجلى هذا التماهي؟

عندما دعا الرئيس الأمريكي للردّ على إيران بشأن تعرض ناقلات النفط في خليج عمان للاستهداف، خرجت أقلام سعودية مسمومة تنفخ بنار الحرب ودعت الرئيس الأمريكي لتوجيه ضربة حاسمة تقضي على النظام الإيراني. ولكن عندما صرّح ترامب عن عدم نيته شن حرب لأن اغلاق مضيق لن يؤذي بلاده المكتفية ذاتيّاً كذلك لن يشن الحرب من أجل الدول الخليجية، فالأقلام ذاتها خطّت معلّلة موقف ترامب، بأن إيران تسعى لاستدراجه إلى الحرب لاعتقادها بأنها قادرة على الصمود لأشهر، بعكس العقوبات الاقتصادية التي ستقضي عليها، وهذا الذي يخدم الرئيس ترامب. وعادت الصحف للدعوة إلى الحرب ضد إيران ومحوها عن الخارطة بعدما أسقطت إيران طائرة التجسس الأمريكية ظناً منهم بأن ترامب لن يسكت عن هذه الضربة وسيسحق إيران انتقاماً لإسقاطها. وعندما أعلن تراجعه عن الضربة سادت الخيبة الصحف الخليجية، خاصة لأن الحادثة ترافقت مع استهداف القوات اليمنية الوطنية لمطار أبها الدولي لعدة مرات وكذلك استهدفت محطة الكهرباء، ولتبرير تراجع ترامب عن توجيه ضربة لإيران نُشرت مقالات عدة تتلخص مواضيعها بما يلي:

ترامب يستخدم مع إيران إستراتيجية الخنق اقتصاديا والردع عسكرياً، فالعقوبات الاقتصادية عليها أقوى بكثير من العمل العسكري، وترامب رجل المفاجآت ولم يتراجع أبداُ.

دبلوماسية ترامب وتعقله جعلاه يلغي الضربة على إيران، ليسعى نحو بناء تحالف لمواجهتها، فهو يمتلك الصبر الاستراتيجي بمواجهة إيران صاحبة التهور الاستراتيجي.

ترامب أراد من إلغاء الضربة على إيران التأكيد على أنه حريص على أرواح الإيرانيين عكس دولتهم التي لا تهتم لأمرهم، فهو هدفه أن يوقظ غضب الشعب الإيراني لينتفض على دولته لتصرفاتها التي تستدعي الحرب عليه.

ترامب لم يكن يريد حرباً بل معالجة للاتفاق النووي الإيران لكي يقول للشعب الأمريكي إنه أنتج اتفاقاُ نووياً يخدم مصلحة أميركا، عكس اتفاق باراك أوباما الذي خدم مصلحة إيران، لكن إيران بدعمٍ وتواطؤ من الديموقراطيين الأمريكيين قامت بالتصعيد العسكري، الذي بدوره أوقع ترامب في مأزق.

نتفهم قرار ترامب الذي يهدف لتفويت الفرصة على إيران لتقوية علاقتها المأزومة بشعبها.

كل هذه التبريرات تصب في مكان واحد وهو أن الرئيس الأمريكي دائماً على حق ولا يخطئ، فتجد الصحف الخليجية تميل كيفما مال ترامب، فإذا جنح للحرب جنحوا معه وإن جنح للسلم كذلك يجنحون، كيف لا وهو سيدهم ومولاهم ولا يستطيعون الخروج عما يمليه عليهم ويرسمه لهم، ولكن المستغرب أنهم يكسرون أقلامهم ويحطمون ألواحهم عندما يقوم ترامب بإهانة ملكهم وولي أمرهم، فكل شيء يهون كرمى لعيون أبو إيفانكا، كما يحب السعوديون تسميته.

المصدر: خاص شاهد نيوز

المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع