"انظروا إليها تحترق". جملة من ثلاث كلمات استطاعت أن تحرك الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج، أن تجعلهم يخرجوا إلى الشوارع أو إلى شرفات منازلهم، أن يصعدوا إلى سطوح منازلهم، مكبّرين صادحين بالهتافات للمقاومة الإسلامية وسيدها، سماحة السيد حسن نصر الله، بعد إعلانه مباشرة على قناة المنار إصابة البارجة الصهيونية بصاروخ من صواريخ المجاهدين. ولعلها المرة الأولى في التاريخ ينقل فيها قائد خبر انتصار عسكري مباشرةً على الهواء.
تلك كانت أولى مفاجآت حرب تموز 2006، ثم تتالت المفاجآت على مدى أكثر من ثلاثين يوماً مجبولة بالعرق والدم والصبر والبطولات.
في المقلب الآخر كانت تسجّل "بطولات" من نوع آخر. ظهر بعضها خلال الحرب، وكشفت بعضها الآخر الأعوام التي تلت، ولا تنفكّ تكشف.
فلا أحد نسيَ فؤاد السنيورة مقبّلاً وزيرة الخارجية الامريكية، الموفدة من إدارتها إلى بيروت حاملة حقدها والتهديد والوعيد إن لم تعِد المقاومة الأسيرين الإسرائيليين إلى كيانهما المزعوم. ولا أحد نسي مشهد هذه الوزيرة وقد جمعت أنصاف الرجال في السفارة الأميركية في عوكر على مائدة الخيانة والدم والدمار.
كما لم ينسَ أحد مواقف بعض زعماء الدول العربية، الذين شجعوا العدو الإسرائيلي على عدوانه على لبنان، ووصف بعض هؤلاء رجال المقاومة بالمغامرين.
وتمر السنوات بعد حرب تموز 2006، لتنكشف أمور كثيرة حول مواقف الزعماء العرب الداعمة للعدو الصهيوني في كل اعتداءاته على لبنان وسوريا وغزة، بل والواعدة بتغطية أي عدوان جديد بالمال، هذا المال الذي جعلهم أغنياء لكن عجز عن أن يصنع لهم شرفاً.
"المغامرون" في حرب تموز صنعواً نصراً إلهياً تاريخياً عجز عنه "عقلاء" العرب والمسلمين، وساعدوا في سوريا والعراق في التخلص من أبشع ظاهرة إرهابية إجرامية في التاريخ الحديث، إن لم يكن في التاريخ كله، وهم اليوم يحفظون لبنان كله من أي عدوان قد يفكر فيه العدو، مهما كان هذا العدوان صغيراً.
أما "العقلاء" فقد أرشدهم "عقلهم" إلى التحالف ضد اليمن، جيشاً وشعباً، فدمروا وقتلوا وجوّعوا وشردوا ومارسوا كل أنواع الإرهاب والإجرام، لكن مع كل هذا عجزوا عن هزيمة الشعب اليمني، وانقلب سحرهم عليهم، وها هم يبحثون عن مخرج لهم من النار اليمنية المباركة.
لقد نظرنا إلى البارجة الإسرائيلية تحترق، وسننظر قريباً إلى النظام السعودي والأنظمة الخليجية العميلة تتهاوى، وسننظر قريباً أيضاً إلى الجيش الإسرائيلي يحترق كله على أيدي "المغامرين" اللبنانيين والفلسطينيين وغيرهم من "المغامرين" العرب والمسلمين.
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع