منذ اغتصابه ارضنا, لزمت العدو الصهيوني الى جانب وحشيته واجراميته, سمتا القوة والتفوق العسكريين. اليوم, لا القوة تراجعت, ولا التفوق تناقص, ولا الدعم الغربي والتبني الاميركي تضاءلا. فهذه المفاهيم ان لم تحرز تقدما فهي لا زالت في مكانها, وإن تراجعت فببعض المعايير لا جميعها مما تقاس به الترسانة العسكرية, بالاضافة الى امتلاك الرؤوس النووية "الاستثنائية قانونا دوليا".
إلا ان القوة باتت تحتسب بمعايير اخرى, وهذا التبدل الحسابي في المعادلة تكرس في ايار من العام2000 يوم دُحر العدو وعملاؤه وتكرست معها معادلة وهنه اكثر من بيت العنكبوت. ثم اتى النصر على عدوان تموز 2006 ليرسي المعادلة بحق, سيما عندما اطل امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله على الهواء مباشرة يستبق الخبر العاجل ببث مباشر, حيث تجهز سواعد وصواريخ الشباب المقاوم على بارجة حربية اسرائيلية في عرض البحر نارا واحتراقا.
في تلك الليلة كما العادة, الصديق والعدو يتسمران أمام خطاب الامين; الصديق اطمئنانا على جهوزية وتماسك المقاومة, وارتياحا لفائض الاصرار والعزيمة، والعدو يستدعي جحافل محلليه العسكريين والسياسيين والنفسيين وغيرهم, لقراءة كلماته وما خفي منها وبين سطورها, عله يستشف مستقبل الساعات والايام القادمة ووقع الحرب عليها, عله يقع على ضعف او ضيق يقوى هو به امام شعبه, او تراجع يؤنس به وحشة مستوطنيه في الملاجئ.
لكن تستعر النيران بما لا تشتهي البوارج!!
لعل تلك اللحظة ان قيست تأثيراتها على العدو فهي لا شك الاكثر ايلاما والافدح خسارة من تلك اللحظات التي لملم فيها هزائمه واحصى فيها ضحاياه في الرابع عشر من آب; فأن يتلمس الانكسار تدريجيا من مجريات الاحداث خير من مفاجأة تصفع جبروته الذي اضحى وامسى يقهر ويقهر.
لم يعد للقوة الاسرائيلية موازينها السابقة, ولم تعد تقاس بالقدرات العسكرية الذاتية, كما لا ترتبط بحجم الاضرار التي تلحق بالطرف الآخر, أكثر ما بات يعد له بالعشرات وبالالوف هو كم الألم الذي سيرتد عليه ان فعلها وافتعل حربا, هو كم الكيلومترات التي تتقدمها صواريخ المقاومة في العمق "الاسرائيلي".
وحيدة هي "اسرائيل" اليوم, وان جهدت امريكا بمبعوثيها وسفرائها ومستشاريها لاستجرار شرعية تحيطها بها ممن لا شرعية لهم بمعيار القضايا الأم ومبادئ الانسانية والعروبة, فالجهد غبار يخنق فضاءات المال ويطبق على الصفقات خاسرة, والعبث بسيادة الدول الحقة مآله التيه في مضائقها وتعالي نداءات الاستغاثة, اما الشرعية فدعاء ظالم غير مجاب..
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع