اشتريت قبل سنتين ساعة خشبية، لفتتني بشكلها الغريب فقلت في نفسي "هذه ساعة مطبخ منزلي". وها هي اليوم معلقة على حائط المطبخ تماماً في وسط الحائط حتى كلما أردت النظر فيها أصبتها بعينيّ دون الحاجة للبحث عن موقعها.
لا أذكر آخر مرة نظرتُ إليها فيها، لم أسمع صوتها منذ فترة طويلة، حتى اعتقدت ان بطارياتها فرغت أو انها توقفت عن العمل لسبب تقني.
استيقظتُ اليوم في الثامنة، شربت قهوتي المحلاة في الثامنة والنصف، رتبت اغراضي في التاسعة، فتحتُ هاتفي في العاشرة تماماً، وكان أول خبر قرأته: إعدام شابين من البحرين.
يقول الخبر بالتحديد: أُبلغت عائلتي الشابين ( ...) بتحديد زيارتهما الأخيرة عند الساعة الثانية قبل تنفيذ حكم الإعدام رمياً بالرصاص.
ومنذ العاشرة والدقيقتين وأنا أحدق بالساعة. ثم صارت العقارب تركض بسرعة مخيفة، حاولت مسكها ومنعها من الدوران، جربت اسكات صوتها، جربت قتلها وقتل الوقت فيها لكنني فشلت واستسلمت للقرار، قرار الساعة وقرار الحكام الظالمين.
أغلقت عينيّ، صممتُ أذنيّ، كممت فمي، وغطيت الساعة على الحائط، بهذا لن ارى عقارب الساعة تشير للثانية، لن أسمع صوت طلقات الرصاص وصريخ الأمهات، ولن افتح فمي فألعن وأندد وأطالب وأعترض.
ستكمل الساعة سيرها حتى تشير للثالثة والرابعة والخامسة والثانية عشرة ليلاً معلنة عن بدءِ يومٍ جديد، عن شهيدٍ جديد أو اكثر، سأعاود إهمال السّاعة، كالحُكام تماماً، حتى إعلان موعد جديد، ففي بلادنا لا يلتزمُ الحكام بالوقت إلا إذا كان موعِدُ قتل.
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع