أمكن لتمّوز أن يتّخذ له بين الشهور مرتبة الشّرف، إذ أصبح الساحة الزّمنية التي تحقّقت خلالها انتصارات شكّلت منعطفات تكاد تكون الأخطر والأدقّ والأجمل في مسار الحرب مع الصهاينة، بكافة أشكالهم. من تموز ٢٠٠٦ إلى تموز ٢٠١٧، شهد الأول كيف سطّرت المقاومة آيات النّصر على الترسانة العسكرية الصهيونية، فجعلت من فخر صناعتهم "المركاڤا" خردة يلفظها وادي الحجير، وصهرت سلاحهم البحري في عرض البحر، بل حوّلت جنودهم المرعوبين إلى محط سخرية الجيوش في العالم. أما الثاني، فقد كُتب فيه نصرٌ لا يقلّ أهميّة عن الأول، وتحرير يوازي تحرير أيار ٢٠٠٠، بل شهد إسقاط المشروع الصهيوني السعودي بإمارة إرهابية تتخذ من عرسال نقطة انطلاق لتصل إلى واجهة بحرية في لبنان، بمؤازرة من أرادوا بسلاح السياسة وضع عرسال خارج سيطرة الجيش اللبناني واعتبروه جيشًا معاديًا. بكلام آخر، في ٢٦ تموز ٢٠١٧ تحقّق النّصر الذي صفعت فيه المقاومة المشروع الصهيوني الإرهابي الذي استخدم التكفيريّ ليحقّق له ما عجز عنه في ٢٠٠٦، وسقط البديل كما سقط الأصيل، مخلفّين دويًا لنصر المقاومة ما زالت أصداؤه تتردّد وستظلّ عبرة لكل المشاريع الاستعمارية الغربية.


عشية عيد الجيش الذي كان في التمّوزين وفي سائر الأيام يدًا تؤازر المقاومة بخلاف ما أراده له القرار السياسي حينًا والمؤامرات التي تتخذ من الهبات السعودية أو الأميركية في حينٍ آخر، تعود معركة الجرود التي حُسمت بالتحرير الثاني إلى واجهة الذاكرة. صور الشّهداء التي ارتفعت في شغاف قلوبنا، أسماؤهم التي توالت ومعها الدمع الملوّن بكحل العزّ، الحكايات التي لا يتسع التاريخ لإيفائها حقّها من الذكر.. وتفاصيل كثيرة تعزّز فينا واجب أن لا نكفّ عن التذكّر، وعن نقل الأحداث التي غيّرت خارطة المنطقة كما شاء شرف المقاومين وليس كما خطط له الحالمون بخارطة "الشرق الأوسط الجديد"..


اليوم، في تموز ٢٠١٩، لم تنته الحرب، ولم تنته المؤامرات التي تتخّذ في كل يوم شكلًا جديدًا، وما زالت ميادين القتال مشتعلة، وما زال المقاومون يرصفون الطريق إلى النصر الذي سينهي وجود كل الكيانات والكتل التي صنعها الغرب، ومن ضمنها "اسرائيل" التي بزوالها سيصبح زوال أذيالها كبني سعود مسألة حتمية.. هذا النّصر الموعود هو النتاج الطبيعي لكل ما سبق من انتصارات.. هو نتاج نصر تموز ٢٠٠٦ وتحرير تموز ٢٠١٧، وهنا تكمن أهميّتهما كذاكرتين من رعب عاشه العدو قبيل انهياره، وذاكرتين من عشق سمح لنا الله أن نعيش تفاصيلهما وننعم بهذا الفيض من العز، ومن اليقين.

المصدر: خاص شاهد نيوز

المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع