"وين كنّا ووين صرنا".. عبارة بسيطة تختصر حكايات الحرب مع عدو لطالما تباهى بأن جيشه لا يُقهر.. عبارة ترد على ألسنة كبار السنّ في قرانا، هؤلاء الذين شهدوا كيف هذا الوحش تقهقر، وكيف تحوّل من حالة تثير الخوف على الأرواح والأرزاق، إلى حالة لا تثير إلا الضحك والسخرية..
حين أعلنت المقاومة الإسلامية عن عملية أفيفيم اليوم، أدرك الناس تحت وقع صوت القذائف أن العدو يبحث عن مخرج يداري به علامات الصفعة على وجه جيشه المرعوب، والذي يقف على "اجر ونص" منذ أن أمره سيد المقاومة بذلك.
تابعنا وتابع الجميع التطورات بكثير من الفرح، وبكثير من الامتنان وبكثير من الثقة بأن هذا العدو لن يتجرأ حتى على الاعتراف بإصابات جنوده كي يتحاشى الإحراج أمام سائر الدول التي يستقوي عليها وتستقوي به، وبأنه لن يحاول أن يذهب نحو أي تصعيد خوفًا من قدرات المقاومة التي ترعبه وتجعله يتحسس زواله في القريب العاجل.
أما في الشارع، وفي منصات التواصل، فكانت البهجة سيدة الانفعالات.. أعادت العملية أشرف الناس إلى ذاكرة تموز التي ما زالت حية في قلوبهم.. بل أعادتهم إلى زمن البيانات التي تعلن عن عمليات المقاومة وتبعث فيهم روح النصر، واليقين الجميل بأن الوعد الصادق يصدق في كل حين، وأن الردّ بيد من يصدق وعده، ويصدق رده، ويصيب عند الرد من العدو مقتلا، ويدوم رعبه.. يدوم رعبه إلى الحد الذي يجعل "نتنياهو" يخرج إلى وسائل الإعلام، بوجه يحاول أن يخفي أثر الصدمة، وينكر تعرض أي فرد من جيشه ولو لخدش.. فتنتشر بعدها أخبار الإصابات التي تم رصدها.. ربّما، كان سيحاول أن ينكر العملية بحد ذاتها لولا أنه يعلم أن أبناء مارون وسائر القرى المحاذية للحدود تجمّعوا وصوروا بالبث المباشر مكان وقوع العملية المباركة.. ومن الطبيعي أن يكون هذا المشهد بحد ذاته قد أوصل رسالة للعالم أجمع، أن زمن التهديد الصهيوني قد ولّى إلى غير رجعة، وأنّ هذه المقاومة لم تهزمه فقط، إنّما كرّست ثقافة الروح المقاتلة في كل بيت وشارع، وحوّلت كل فرد، حتى الذين لا يخوضون القتال، إلى روح تحرص على بث النّصر وحمايته.
اليوم، ابتسم الصديقان الشهيدان حسن زبيب وياسر ضاهر من علياء العشق المقاوم، ومعهما مرّ طيف بسمة مغنيّة، وضحكات كل الشهداء التي كتبت لنا زمنًا تحوّل فيه جنود الصهاينة إلى جرذان تختبىء بين بيوت الأراضي المحتلة، وصار فيه المستوطنون ينوحون عند أبواب المستشفيات ويتهافتون إلى الملاجىء.. اليوم، تلقى العدو ضربة جديدة مهما حاول أن يكابر، واقترب من زوال كيانه خطوة إضافية..
إذًا، بسم رب الشهداء، بسم رب المقاومين، بسم ربّ العماد مغنية وجيشه، بسم رب نصر الله صدر البيان: "عند الساعة الرابعة و15 دقيقة من بعد ظهر اليوم الأحد بتاريخ 1أيلول 2019 قامت مجموعة الشهيدين حسن زبيب وياسر ضاهر بتدمير آلية عسكرية عند طريق ثكنة افيفيم وقتل وجرح من فيها".
وبانتظار بيان زوالها، وبانتظار بيان العبور، فليفرح أشرف الناس بنعمة النصر الأمين، ولينعق الناعقون خوفًا وتهويلًا ودفاعًا عن العدو المهزوم.. ولنذكّر الكون كلّه، أنّنا أبناء زمن شهد النصر، وكتب للتاريخ حكاية جديدة، عنوانها العزّ وكل تفاصيلها انتصار، وخاتمتها "سنصلّي في القدس".
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع