"الحياد" مصطلح قد يستخدمه البعض كتوصيف إيجابي لحالة أو لشخص أو لمؤسسة، وموقف قد يدعّي البعض اتّخاذه حرصًا على مصلحة ما، أو محاولة لتجنّب أثمان المواقف الحقيقية. بالمفهوم، الحياد هو كذبة قد يصدّقها صاحبها فتنهي وجوده ككائن ذي عقل وموقف.
الإعلام الحيادي أو المنفصل عن الصّراع هو كذبة اخترعها الغرب، واستخدمتها الأنظمة، لتمرير ما تريد تمريره بشكل مموّه، وبالتالي حتى المحطات الإعلامية "الترفيهية" و"السطحية" ليست محايدة أبدًا، ولا يمكنها أن تكون كذلك. لذلك، وبضمير مرتاح جدًا، لا يمكن لعاقل أن يتضامن مع محطة أو شخص في الطرف الاخر من الصراع، سواء كان هذا الطرف مجاهرًا بعدائه، أو ملفوفًا بغلاف "الحياد".
وأكثر من ذلك، "الحياد" ليس وصفًا ايجابيًا، الحياد ببساطة هو أن يطلي الشخص (أو المؤسسة الإعلامية) نفسه بطلاء قابل لأن يعكس وجهات النظر المختلفة بحسب الظروف والمراحل. بكلام آخر، المحايد نوعان:
- نوعٌ مقتنع بكذبة حياديته وهو نوع قابل للتلوّن حيث وحين تدعو الحاجة.
- نوعٌ يعرف موقعه من الصراع جيّدًا لكنّه إمّا وقع تحت تأثير "الحياد" كنموذج مربح، أو أوكلت إليه مهمة ارتداء طقم "المحايد" كجواز مرور بين طرفي الصراع.
باختصار، ليس مطلوبًا أن نكون محايدين بالنظر إلى أي حدث، بل من الضروري أن نكون على طرف واضح من كل قضية، وأن تكون معاييرنا في فحص المواقف غير منفصلة بأي شكل من الأشكال عن موقفنا المبدئي والجذري من الصراع ككلّ. بالتالي، "حيادك" تجاه ما اقترفه تلفزيون بني سعود وادواتهم الحريرية والذي أنتج "موقفًا" تضامنيًا متعاطفًا هو إمّا سقوطك في مستنقع "الاستعراض" النتن، أو دليل عدم فهمك لماهية الصراع، ولماهية الإعلام كأداة في هذا الصراع. بالمناسبة، سقط كثرٌ اليوم ممّن يحملون بطاقة "اعلامي/ة"، وبصراحة، لا أسف عليهم، كما لا أسف على محطة تلفزيونية وُجدت لبث السّموم وماتت على يد طبّاخها.
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع