مع اقتراب الانتخابات الامريكية قرر الرئيس الحالي دونالد ترامب أن ينهي عدة ملفات تهدد فرص فوزه بولاية ثانية، ولهذا الغرض استدعى شقيق ولي العهد السعودي الأمير خالد بن سلمان رغم أن الأخير لم يزر الولايات المتحدة الأمريكية بعد وقوع جريمة قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، وقد حمله ترامب 3 ملفات لكي تعمل المملكة على حلها، فما هي الملفات الثلاثة؟ وكيف تسعى السعودية لإنهائها؟
في الزيارة التي قام بها الأمير خالد بن سلمان الشهر المنصرم إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حملته الإدارة الأمريكية ثلاثة ملفات أمرت السعودية أن تحلها بأسرع وقتٍ ممكن، هذه الملفات هي:
1- جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي وما سببت لترامب من إحراج في الدفاع عن حليفته السعودية.
2- ملف حرب اليمن: إذ ارتفع صوت خصوم ترامب محملين إياه ضلوعه بجرائم الحرب التي ترتكبها السعودية بحق المدنيين اليمنيين بأسلحة أمريكية.
3- ملف عودة العلاقات بين السعودية وسوريا. هذه الملفات الثلاثة هناك مؤشرات عدة تدل على أن المملكة تسعى إلى إنهائها.
1- جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي: أصبح من الواضح أن السعودية قد أنهت هذا الملف وستقوم بعرض هذه النتائج عندما تحين الفرصة المناسبة، ومن مؤشرات انتهاء هذه الأزمة النقاط التالية:
- التخلص من الـ 13 الذين نفذوا الجريمة بحوادث متفرقة.
- التخلص من سعود القحطاني الرأس المدبر لعملية الاغتيال. وقد تحدث عدد من الصحافيين المعارضين عن تصفية القحطاني ومنهم المعارضة السعودية والصحافية مضاوي الرشيد، والناشط إياد البغدادي، ويؤكد انتهاء دوره، ما قامت به تويتر من حملة تخلصت بموجبها من الذباب الالكتروني الذي صنعه القحطاني وكذلك إقفال تويتر لحسابه الشخصي.
- ومن مؤشرات الانتهاء من قضية جمال خاشقجي ما أعلنه محمد بن سلمان عن مسؤوليته عن الحادثة كون الجريمة حصلت في عهده، لكنه أكد أن من نفذها لم يأخذ الأوامر منه بل نفذها من تلقاء نفسه، هذه الأريحية التي تحدث بها محمد بن سلمان عن القضية تدل على أنه تخلص منه.
2- إنهاء حرب اليمن: السعودية لو خلّي لها القرار فهي لا تريد أن تنهي هذه الحرب وذلك للحقد الدفين الذي تكنه أسرة آل سعود لليمنيين الذين تعتبرهم عبيداً عندها ولا يحق لهم التمرد على أسيادهم، لكنها مجبرة على إنهاء هذه الحرب لأن سيدتها أمريكا قد طلبت ذلك، وهناك مؤشرات عدة تدل على أن السعودية تسعى لإنهاء حرب اليمن، ومنها:
- الوساطة الباكستانية التي طلبتها السعودية من أجل الاتفاق مع إيران وهي بالطبع تريد الحديث عن حرب اليمن.
- الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء العراقي للسعودية والرسالة التي حملها لإيران بشأن التواصل معهم لإنهاء حرب اليمن.
- الزيارة التي قام بها مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكرإلى السعودية والطلب منهم الحوار مع الحوثيين.
- ما نقلته كل من صحيفتي بلومبرغ ووول ستريت جورنال الأمريكيتين عن موافقة السعودية على وقف إطلاق النار في اليمن في أربع مناطق ومنها العاصمة صنعاء، رغم نفي القوى الوطنية اليمنية لهذا الأمر، فمجرد طرح هذا الموضوع يدل على أن السعودية أصبحت تفكر جدياً في الخروج من حرب اليمن.
- إعلان المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي، أن الرئيس الإيراني تسلم رسالة من السعودية عبر قادة بعض الدول، وإحداها يمكن أن تكون لإنهاء الحرب في اليمن.
3- إعادة العلاقات مع سوريا: وهذا الطلب الأمريكي ليس بجديد وقد قامت السعودية بخطوات في هذا الصعيد منها:
- تعيين وزير الخارجية إبراهيم العساف، الذي يمكنه المساهمة في تقارب وجهات النظر كونه كان يرأس اللجنة السعودية السورية المشتركة.
- إعادة فتح كل من الإمارات والبحرين سفارتيهما في سوريا، وهذه الخطوة هي تحضير لإعلان السعودية فتح سفارتها لاحقاً، لأن البحرين والإمارات من المؤكد أنهما نسقتا الخطوة مع السعودية.
- إقدام الإمارات على إرسال وفد اقتصادي إلى دمشق يضم 40 على الأقل من رجال أعمال من دولة الإمارات في معرض تجاري تدعمه الدولة السورية، وهذه الخطوة التي لم تعترض عليها السعودية ولم يخرج أي تصريح أو حتى تحليل صحفي ينتقده، يؤكد مباركة السعودية لهذه الخطوة.
- ما قام به الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط في الجمعية العامة للأمم المتحدة حينما التقى بالوفد السوري، ومحاولة إبداء الود للوفد تمهيداً لإعادة سوريا إلى الجامعة العربية، ومن المعروف هيمنة السعودية حالياً على الجامعة العربية حيث من المؤكد أن خطوة كهذه هي بمباركة السعودية.
تسعى السعودية حالياً لأن تخرج من وحول اليمن بأقل الخسائر حفظاً لهيبتها وماء وجهها لكن عبثاً تحاول فالوقت يضيق عليها وهي مجبرة على إنهاء الحرب وستخرج من اليمن ذليلة صاغرة تجر أذيال الخيبة، فالأميركي يقول لهم تواصلوا مع اليمنيين والإيراني كذلك، لذا هيبة السعودية في اليمن سقطت ولن تعود ثانية، وأهل اليمن مقبلون على انتصار ساحق لا محالة، هكذا يكون مصير الدول التي ترهن قرارها للأميركي فعندما تكون مصالحه على المحك يتخلى عن حلفائه وليس لديه مشكلة بأن يدوس على كرامتهم وحتى على جثثهم للحفاظ على هذه المصالح، وهذا ما حصل مع السعودية تماماً، إذ مرت 4 سنوات وأمريكا تنفخ في نار الحرب وتحلب السعودية بصفقات تسلح، وعندما وصل رئيس أمريكا لموقف محرج من الحرب التي تهدد مستقبله السياسي، رمى السعودي على قارعة الطريق ليواجه مصيره، فهل تتعلم شعوب المنطقة مع من يجب أن تتحالف؟
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع