وفي يوم الشّهيد، يطلّ الأمين على أمانة الشّهداء، يعيد انتظام النّبض في القلوب الشاخصة إلى كلماته، يُذهب بيقينه عنها رجس الإحباط من كلّ ما حملته المرحلة من حفلات تكاذب استخدمت وجع النّاس لتلوي يد المقاومة.. يُنصف الصّادقين ممّن تاه صوتهم في ضجيج الشّعارات الكاذبة، ويُسقط الأقنعة عم وجوه تدّعي حرصًا على الفقراء وتطعنهم في خاصرة مطالبهم..
هنا بلادٌ أمانُها الأوحد أن فيها من سلالة العشق المعظّم سيّدًا يُؤتمن على الكرامة والأرض.. بلادٌ محصّنة بأقمار تحلقنا اليوم حول يومهم، ودخلنا بكل نبضٍ فينا في أمان سيّدهم وسيّدنا.. بلادٌ عصيّة على الأميركي مهما كبُر شأن حلفائه وأدواته في إدارتها.. وبلادٌ انتصر فيها الدّم على السّيف، وستنتصر فيها عين البصيرة على مخرز الإفقار والفساد.. هنا، بقعةٌ شامية في حضن سوريا وفلسطين، هزمت الأميركي الصهيوني والتكفيري في كل ساحات الشّرف، لن يهزمها الآن وان امتطى صهوة الجبناء، وحاربنا بسيف التجويع، وحاصرنا مشيرًا إلى أدواته أن يكرّروا كذبة أن حزب الله هو سبب فقرنا، كي يتبرأوا من حقيقة أنهم أدوات أميريكية تمنع عن اقتصادنا كل فرصة نهوض.. هنا بلادٌ يُعاقب فقراؤها لأن من بيوتهم خرجت قوّة قاتلت ولا زالت تقاتل.. انتصرت ولا زالت ترسم خطط النصر القادم، كحتمية لا يطاولها أي شك!

 

اجتهد عبيد الأميركي بمختلف مناصبهم وأدوارهم في تعبئة النّاس ضد حزب الله، سواء بشعارات مباشرة أو بسمّ مدسوس في عسل الكلمات المنمّقة.. اجتهدوا في تحميل علاقته بمحور المقاومة، وخاصة الجمهورية الإسلامية في ايران، مسؤولية كلّ وجع أصاب فقراءه.. اجتهدوا في الكذب، وما صوت رياض سلامة اليوم إلا دليلًا يُضاف إلى سائر الأدلة التي تدين الأميركي وحلفاءه في كلّ إرهاب أصاب بلادنا، والفساد وجهٌ من وجوه الإرهاب..
كشف السيّد كذبة الأميركي، وضع الجميع في خاناتهم الحقيقية، أشار إلى خطوط عريضة تليق بالحكومة المنتظرة.. والتي لن تكون أقل من حكومة تستطيع أن تقول للأميركي "حل عن سمايي".. يدرك الأميركي قبل غيره جديّة الأمر، حقيقة أن محاولته الأخيرة لإلحاق الأذى ببيئة حزب الله انقلبت عليه، فخسر حتى امكانية أن يكون لأدواته دور تحت سقف ضرورة التعاون بين مختلف مكوّنات التركيبة اللبنانية. وهذا ان دلّ على شيء، فعلى دخولنا مرحلة متقدّمة من الصّراع، يتقلّص فيها حجم الرماديّ لصالح أبيض خياراتنا.. خياراتنا المعمّدة بالدم، وبالعرق، وبالصبر الجميل، خياراتنا التي لا تتوه عن طريق الحق، ولا يغرّها شعار يغازل المطالب والحقوق فتصدّق النّاهب وتحيّد سفارته عن وجهة التظاهر.. هناك، في عوكر، سيكون من الجميل أن يتخذّ الحراك المطلبي سمة من سمات الثورة، الثورة التي من أساسيّاتها أن تكون موجّهة ضد الظالم الحقيقي، النّاهب الأصلي، الذي بكسر حربته تنكسر تلقائيًا أشواك أدواته.
وبعد، جرّب الأميركي أهل الحبّ في أرضنا فاستقبل جنوده عائدين بتوابيت، وجرّبهم في مواجهات مباشرة في بنت جبيل والحجير ومارون، وما زال صراخ نخبة جنود الصهاينة، أدواته، يدوّي في صخرنا الذي هناك، وجرّبهم في سوريا عبر أدواته التكفيرية، ففاح ياسمين الشام بصيحات النّصر تُتلى آيات بصوت رجال الله.. يبدو أنّه لم يتعلّم من هزائمه التي سبقت، أو ربّما ظنّ أنّه بتغيير ميدان القتال قد يتفادى الهزيمة.. بين وهم المستكبر بأن لا بد سينتصر، وبين يقيننا بأنّ زمن الهزائم قد ولّى، مسافة معركة، والبصيرة سلاحها الأول.
الآن.. الآن، كما منذ الطلقة الأولى.. "حاضرون في كلّ ساح.."، ولكلّ ميدان سلاحه.. والآن، كما منذ الطّلقة الأول في مواجهة الأميركي بمختلف أدواته، "النّصر" لنا عادة.. والآن، وكلّ ما فينا موقنٌ بالنّصر العظيم، نعيد تلاوة تلك اللبّيك بكل ما أوتينا من أمان وإيمان، ونسأل الله لنا ولكم أن نستحقّ شرف قولها.

المصدر: خاص شاهد نيوز

المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع