حسين شلهوب وسناء الجندي شهيدان فقيران مثلنا، غنيان عفّة وكرامة.. هما ممّن آثروا تحمّل الوجع على مقايضة الدواء بالكرامة.
تعدّد المجرمون الذي شاركوا في احراق دمنا قبيل الفجر على طريق بُذلت لأجل حريتها سنين من مقاومة.
قطاع الطرق نفّذوا الجريمة، لكنّهم ليسوا وحدهم في المخطّط الرامي إلى كرامتنا.. اشترك معهم، بل خطّط لفعلتهم رؤوسٌ تعرف أن هذه الطريق، التي أحد طرفيها الجنوب، طريق عزيزة على بيئة المقاومة، وأن عابريها هم أهل المقاومة وناسها.. واشترك معهم كلّ من يحاول أن يشرّع قطع الطرق كحقّ أو كأسلوب تعبير، فأضفى المشروعية على قتلنا سواء علم بذلك أم لم يعلم.. أما الشريك الأساسي فكان قنوات الاعلام المدفوعة سلفًا، والتي مهمتها منذ بدء الحراك تجريمنا بما لم نرتكب، وتبرئة المجرمين رغم وضوح ارتكاباتهم..
لا شكّ أن قطع الطرق بهذا الشكل، والقيام بسكب الزيت الذي يؤدي حكمًا إلى انزلاق السيارات هو عمل جرميّ مع سبق الإصرار.. ليس سوء تقدير ولا حركة عفوية.. وبيان قيادة الجيش الذي تحدث عن توقيف مجموعة بحوزتها كمية من الزيوت المعدة لتحويل الطرقات الآمنة إلى منزلقات قاتلة هو خير مؤشر على أن الجريمة التي حدثت في الجية اليوم هي حادثة مفتعلة، وليست مجرّد حادث سير مؤسف كما حاول الاعلام المأجور والرخيص أن يصوّرها، أو كما حاول صبيان السفارات الموظفين برتبة "اعلاميين" نقلها..
حدث ما حدث.. حسين شلهوب وشقيقة زوجته سناء الجندي، فقيران مثلنا.. متعبان مثلنا.. مظلومان مثلنا.. لكنّ القدر شاء أن يذهبا في مظلوميتهما إلى أعلى درجاتها، على يد جماعة قد تحوي فقراء باعوا أنفسهم بأبخس الأثمان لغنيّ اعتاد شراء النفوس التي تنفّذ جرائمه بدون أن تتلطخ يداه بالدم.. هناك، على الطريق التي سلكناها ذات تحرير والحب المحرر في عامل وجهتنا، وعلى الطريق التي شهدت عودتنا إلى قرانا ذات نصر في تموز، وعلى الطريق التي نعبرها في كل يوم أو في كل أسبوع نحو المدينة حيث "الأرزاق" أو منها نحو استراحة قرب ترابنا، كان موعد نور حسين شلهوب مع المشهد الأكثر ايلامًا على الإطلاق.. شهدت الفتاة احتراق والدها وخالتها حيّين، وشهدت ذهول العابرين وربما نظرات الشماتة والتشفي من قاطعي الطريق ذوي القلوب العمياء والضمائر الميتة..
جميعنا حسين شلهوب أو سناء الجندي.. جميعنا مشروع شهادة على الطريق وعلى يد من ضلّوا عن الكرامة والشرف.. وجميعنا نور شلهوب، شهودٌ رغم الوجع على الظلم، ناطقون رغم الذهول بالحق، متعبون فقراء موجوعون أنهكنا هول الظلم، وكسر قلوبنا أنّ في أوج حزننا ووجعنا نحاول استيعاب الوجع والحزن، فيما يتفنّن المجرمون جميعهم بمحاولة تحويل دمنا إلى "حادث سير" نتيجة "تحرّك عفوي"!
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع