محمد أ. الحسيني
فتح العام 2019 أبواب أيامه على استمرار قوات الاحتلال تنفيذ ما أسمته عملية "درع الشمال"، التي انطلقت في 4 كانون الأول 2018، وتستهدف كشف وتحديد وتدمير الأنفاق التي يحفرها حزب الله داخل الأراضي الفلسطينية و"تشويش خطة الهجوم الرئيسيّة لحزب الله" وفق ما صرّح به رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تامير هايمان، الذي ادّعى أن تحقيق أهداف هذه العملية يمنع "حصول حرب سيكون فيها حجم الدمار للبنان ولحزب الله كبيراً جداً جداً".
* الأنفاق تقلق راحة العدو
لم يصدر أي تعليق من قبل المقاومة الإسلامية وحزب الله على قضية الأنفاق التي ادّعى العدو اكتشافها وتدميرها، في حين تباهى رئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو بأن "إسرائيل جرّدت حزب الله من سلاح الأنفاق التي أعدّها لمهاجمتنا.."، وقال في كلمة ألقاها في جامعة "بار إيلان" مطلع العام: "لقد حطّمنا سلاحه (حزب الله) المفاجئ الرئيسي الذي خطّط لاستخدامه في بداية الحرب"، أما رئيس أركان جيش الاحتلال السابق غادي آيزنكوت فقال إن "سكان مستوطنات الشمال يستطيعون النوم بأمان، فكافة أنفاق حزب الله تم الكشف عنها وتدميرها".. إلا أن آيزنكوت نفسه أعلن في 18 آذار أن حزب الله "يعتزم تنفيذ خطة تتضمّن تسلّل ما بين 5 إلى 6 آلاف مقاتل إلى داخل إسرائيل واحتلال منطقة الجليل".
انقلبت المعادلة، فقد اعتاد العرب واللبنانيون على مدى سنوات الصراع مع العدو أن يتلقّوا التهديدات الإسرائيلية بالخوف والذعر والخشية من إقدام "إسرائيل" على استهدافهم وضربهم فيندفعون إلى التسليم والاستسلام وتقديم القرابين السياسية، أمّا اليوم فبتنا نسمع نتنياهو وجنرالاته يتفاخرون بأنهم نجحوا في إحباط المقوّمات والإمكانات التي تتيح لحزب الله القدرة على تنفيذ هجماته وعملياته، ويوظفّون هذا "النجاح" في خطابهم الداخلي للمجتمع الاستيطاني، وفي سياق حملاتهم الانتخابية.
في المقابل، يحرص مسؤولو العدو على تأكيد الجهوزية "للردّ" على أي هجوم تشنّه المقاومة، وعلى امتلاك "الجيش الإسرائيلي تقنيات وأسلحة غير اعتيادية من شأنها إلحاق ضرر غير مسبوق وغير متوقع بالحزب والبنية التحتية اللبنانية التي تحتضن الحزب، خاصة في الضاحية الجنوبية وبعض مناطق الجنوب اللبناني"، وغالباً ما يعمد مسؤولو العدو إلى اعتماد هذا الأسلوب لطمأنة مستوطنيهم من جهة، ولوضعهم في حال استنفار من جهة ثانية خصوصاً حين الحديث عن قدرات المقاومة، على غرار ما صرّح به المسؤول السابق في وزارة حرب العدو عاموس غلعاد الذي رجّح أن "حزب الله سيطلق علينا في الحرب المقبلة 2500 صاروخ في اليوم الواحد، وأعتقد أن المنظومات المضادة للصواريخ لدينا لن تكون قادرة على اعتراضها".
* توجس اسرائيلي من قدرات حزب الله الصاروخية
لم يعد مسؤولو العدو يرصدون مواقف قادة حزب الله وعلى رأسهم الأمين العام سماحة السيد حسن نصر الله فقط، بل باتوا يقيمون وزناً لمواقف المسؤولين اللبنانيين، حيث علّق كوبي ميروم وهو ضابط احتياط رفيع المستوى في جيش الاحتلال على تصريحات لوزير الدفاع الياس بو صعب الذي أكّد أن لبنان أصبح قادراً على ردع العدو عن مواصلة اعتداءاته على لبنان، بالقول: بات في حوزة حزب الله قرابة ما يصل الى 150 ألف صاروخ، فالردع متبادل بيننا وبينهم، وهو ما حال دون هجمات إسرائيلية في لبنان"، وأضاف: "هذا يُعَدّ من التحديات الكبرى الماثلة أمام إسرائيل، لأن ما حدث وتَشكَّل هو تهديد هائل ليس بإمكان الجبهة الداخلية الإسرائيلية أن تتحمّله، وهو ما يجب على الشعب الإسرائيلي أن يدركه ويتنبّه له".
أتى هذا الموقف في وقت نقلت فيه صحيفة الرأي الكويتية في 3 أيار 2019 عن مصدر مطلع تأكيده أنه "في الإمكان إحداث ارتباكٍ حقيقي لأنظمة الاعتراض الصاروخية التي تملكها إسرائيل في أي حرب مقبلة، فما نسبته 20 إلى 30 في المئة من الصواريخ لدى حزب الله كافٍ لتحقيق أهدافها، وإحداث الضرر المرجوّ وتحقيق توازن عسكري"، ولا يجب أن نغفل هنا مدى تأثير مواقف الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله على المستويات المختلفة في كيان العدو، والذي يكرّر فيها التأكيد على أن المقاومة باتت اليوم أقوى بكثير من ذي قبل، وقادرة على أن تواجه أي حرب يقدم عليها العدو، وأن تدخل إلى منطقة الجليل المحتلة، وأن تغيّر وجه المنطقة برمتها. ولم تكن هذه المواقف في فترات سابقة تستدعي ردّاً إسرائيلياً باعتبارها تصبّ في خانة التصعيد الإعلامي، إلا أنها اليوم وبناءً على التجارب السابقة التي أكّدت صدقية وثبات مواقف السيد نصر الله، باتت تستدرج موقفاً من رأس الهرم الإسرائيلي، حيث توعّد نتنياهو خلال الجلسة الأسبوعية لحكومته حزب الله "بتوجيه ضربة عسكرية مدمرة، إن تجرأ وأخطأ بمهاجمة إسرائيل"، ولكن الطريف في المسألة أن الردّ جاء هذه المرّة من منافسه وزير الحرب السابق أفيغدور ليبرمان الذي وصف نتنياهو "بالكلب الذي ينبح ولا يعضّ".
قيادة الاحتلال أعربت عن قلقها من استخدام حزب الله الصواريخ الدقيقة، لا سيما في استهداف مواقعها المتقدّمة على الحدود، وكشفت صحيفة هآرتس بتاريخ 17 تموز 2019 أنه على ضوء خطاب السيد نصر الله، توّفرت "لدى قيادة الجبهة الداخلية تقديرات استخبارية بأن حزب الله سيعمل على استهداف مواقع استراتيجية إسرائيلية بهدف الإضرار بقدرات الجيش القتالية، وتسجيل انتصار معنوي في مواجهة مقبلة"، وذكرت أنه تم اتخاذ "إجراءات عاجلة لتحصين 20 موقعاً استراتيجياً، من ضنها منشآت تابعة لشركة الكهرباء، وشركة خطوط الغاز الطبيعي، ومواقع حساسة واستراتيجية أخرى".
* العدو يخرق معادلة توازن الردع
خرق العدو معادلة توازن الردع، فاستهدف السبت 24 آب مركزاً لحزب الله في منطقة عقربا بريف دمشق ما أدى إلى استشهاد المجاهدين حسن زبيب وياسر ضاهر، وليل الأحد 25 آب أرسل العدو طائرتين مسيّرتين مفخّختين إلى محلة معوّض في الضاحية الجنوبية، وأدّى وعي المواطنين إلى اكتشاف إحدى الطائرتين وإسقاطها برميها بالحجارة، وبعد دقائق أتت طائرة مسيرة انتحارية ثانية وانفجرت في الأجواء، متسبّبة بأضرار اقتصرت على الماديات، وطوّقت قوة من الجيش المكان، فيما تولّت الشرطة العسكرية التحقيق بالحادث.
الرئيس ميشال عون أدان هذا "الاعتداء السافر على لبنان وسلامة أراضيه"، واعتبره "دليلاً إضافياً على نوايا إسرائيل العدوانية واستهدافها للاستقرار والسلام في لبنان والمنطقة"، مؤكّداً أن "لبنان سوف يتخذ الاجراءات المناسبة"، كما أكد رئيس الحكومة سعد الحريري أن ما جرى "اعتداء إسرائيلي مكشوف على السيادة اللبنانية وخرق واضح للقرار الدولي 1701، ويشكّل تهديداً للاستقرار الاقليمي، ومحاولة لدفع الأوضاع نحو مزيد من التوتر"، موضحاً أن "الحكومة اللبنانية ستتحمّل مسؤولياتها الكاملة بما يضمن عدم الانجرار لأي مخططات معادية"، وتلقّى الحريري اتصالاً من وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الذي دعاه إلى تجنّب أي تصعيد. بدوره اعتبر وزير الدفاع إلياس بوصعب في مؤتمر صحفي عرض فيه نتائج التحقيق الذي أجراه الجيش اللبناني، أن هذا الخرق كان "الأخطر منذ حرب تموز 2006، وهو يبرهن أن الجانب الإسرائيلي اعتمد تغيير قواعد الاشتباك مع لبنان".
الرد الأعنف جاء من السيد نصر الله الذي تحدّث في مهرجان "سياج الوطن" في بلدة العين البقاعية لمناسبة الذكرى الثانية لتحرير الجرود الشرقية للبنان بتاريخ 25 آب، حيث أكّد أن ما حصل في معوّض "خرق لقواعد الاشتباك التي تأسست بعد حرب تموز وهذا خرقٌ كبير وخطير"، منبّهاً إلى أن "نتنياهو ومن معه مشتبه إذا ظنّ أن هذا الخرق يمرّ عندنا، لأنه إذا سكتنا عنه سوف يؤسس لتكرار الاعتداء على لبنان بالطائرات المسيّرة"، وأكّد سماحته: "انتهى الزمن الذي تأتي فيه طائرات اسرائيلية تقصف مكاناً في لبنان ويبقى الكيان الغاصب في فلسطين آمناً، وأنا اليوم أقول لسكان الشمال ولكل سكان فلسطين المحتلة لا تطمئنوا ولا تعتقدوا أن حزب الله سيسمح بعدوان من هذا النوع". وأضاف: ومن الآن وصاعداً سنواجه المسيّرات الإسرائيلية في سماء لبنان، وسنعمل على اسقاطها، وليعلم الاسرائيلي بذلك، ولن ننتظر أحداً في الكون، وإذا هناك أحد في لبنان حريص على عدم حصول مشكل فليتحدث مع الأميركيين كي يطلبوا من الاسرائيليين أن ينضبّوا".
وحول العدوان الإسرائيلي في سوريا أكّد السيد نصر الله: "سأعيد تذكير العالم بهذا الالتزام، إذا قتلت إسرائيل أيّاً من أخواننا في سوريا، سنردّ في لبنان، وأقول للجيش الإسرائيلي على الحدود: "قف على الحائط على رجل ونصف وانتظرنا"، يوم أو اثنين أو 3 أو 4، وأقول للإسرائليين: ما حصل ليلة أمس لن يقطع، ونتنياهو ينظّم انتخابات بدمائكم ويستجلب لكم النار من كل مكان"، مشدّداً على أننا "لن نسمح بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، أو أن يصبح لبنان مستهدفاً، وهذا الأمر بالنسبة إلينا خط أحمر.. وسندافع عن بلدنا عند كل حدود، وسندافع عن سمائنا بما نستطيع، وهذه المرحلة الجديدة فرضها العدو.. وليتحمّل الجميع مسؤوليته".
المجلس الاعلى للدفاع الذي عقد اجتماعاً استثنائياً بتاريخ 27 آب برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عرض تداعيات الاعتداء الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية، وشدّد عون على "ضرورة الدفاع عن سيادة لبنان وسلامة أراضيه لأنه حق مشروع"، فيما اعتبر الحريري أن "الاعتداء هو الأول من نوعه منذ العام 2006، وتقصد منه إسرائيل تغيير قواعد الاشتباك، ممّا يهدّد الاستقرار"، وأكّد المجلس "حق اللبنانيين في الدفاع عن النفس بكل الوسائل ضد أي اعتداء، وعلى أن الوحدة الوطنية أمضى سلاح في وجه العدوان".
السيد نصر الله في وكلمة له في افتتاح المجلس العاشورائي المركزي بتاريخ 31 آب أعاد التأكيد أن الردّ على العدوان الإسرائيلي "أمر محسوم ويجب أن يكون بدء مرحلة جديدة اسمها إسقاط المسيرات.. والموضوع بالنسبة لنا لا يتعلّق بردّ اعتبار بل بتثبيت قواعد إشتباك ومنطق الحماية.. ويجب أن يدفع العدو ثمن إعتدائه، وكل التهديد والتهويل لن يمنع حصول رد من المقاومة" واستشهد سماحته بقول الرئيس عون: "سنثبت للعالم كله أن لبنان ليس بلداً للإستباحة".
* افيفيم في مرمى المقاومة
مرّت ثمانية أيام على وعد السيد نصر الله بتسديد الحساب، بقي فيها جنود الاحتلال على "إجر ونص"، وخلت المستوطنات الإسرائيلية الحدودية من أي حركة عسكرية أو مدنية، في ظلّ تدابير صارمة توقّفت فيها الدوريات المؤللة والراجلة لجيش العدو، إلى أن حان موعد الضربة يوم الأحد في الأول من أيلول حيث استهدف مجاهدو المقاومة بصلية من صواريخ الكورنيت ناقلة جند إسرائيلية على طريق مستعمرة "أفيفيم" على بعد كيلومترين من الحدود اللبنانية، وبثّت قناة المنار مشاهد عن العملية فيما أعلن بيان للمقاومة الإسلامية أنه "عند الساعة الرابعة و15 دقيقة بعد ظهر يوم الأحد، قامت مجموعة الشهيدين حسن زبيب وياسر ضاهر بتدمير آلية عسكرية عند طريق ثكنة أفيفيم وقتل وجرح من فيها".
جاءت عملية أفيفيم ردّاً على الاعتداء الإسرائيلي الذي أدّى إلى استشهاد المجاهدين زبيب وضاهر، وبقي الردّ على عدوان الضاحية الجنوبية، وأوضح السيد نصر الله ذلك في كلمة ألقاها في 2 أيلول: "ردّنا يتألف من عنوانين، الأول ميداني وعلى الحدود الدولية مع فلسطين المحتلة، والثاني يرتبط بملف المسيّرات الإسرائيلية في سماء لبنان.. وانتقلنا من الردّ في أرض لبنانية محتلة إلى أرض فلسطين المحتلة"، وأكّد سماحته أن "المقاومة ثبّتت المعادلة، وليس هناك خطوط حمراء.. وإذا اعتدى الصهاينة فإن كل حدودهم وجنودهم على الحدود وفي العمق وفي عمق العمق ستكون في دائرة التهديد والاستهداف والرد قطعاً".
* المقاومة تعيد رسم قواعد المعادلة
إذاً هي معادلة بقواعد جديدة أطلقتها المقاومة الإسلامية ورسمت فيها حدوداً يحسب لها العدو الإسرائيلي ألف حساب، ولئن كانت "إسرائيل" اختبرت بخرقها مدى التزام حزب الله بالسقوف السياسية والأمنية فإن عملية أفيفيم قد أثبتت أن لا سقوف تقيّد حركة المقاومة في التصدّي لأي اعتداء إسرائيلي، ويبقى تحديد الأسلوب والكيفية وتحديد الزمان والمكان بيد المقاومة، وما عزّز هذا التقدير انسحاب جنود العدو إلى عمق يتراوح بين 5 و7 كيلومترات داخل فلسطين المحتلة، ليشكّل حزاماً أمنياً كخط حماية داخلي يكفل بقاء الجنود بعيدين عن مدى صواريخ المقاومة، وهذا بحد ذاته انقلاب خطير لمنظومة التخطيط العسكري لدى جيش الاحتلال، حيث تحوّلت الحدود اللبنانية – الفلسطينية إلى خط دفاع وليس خط هجوم وانطلاق، وبذلك حوّلت المقاومة الحدود اللبنانية التي تمتد إلى نحو 100 كلم، إلى ممرّ طبيعي لأي عملية عسكرية، سواء عبر الصواريخ أو عبر التقدّم الميداني، أضف إلى ذلك إنجاز آخر للمقاومة تمثّل بخشية العدو من تنفيذ رد انتقامي واسع على العملية، حيث اكتفى بقصف المكان الذي انطلقت منه الصواريخ في محيط بلدة مارون الراس بقنابل حارقة، دون أن يؤدي هذا القصف إلى وقوع أي إصابات في الأرواح أو دمار في الممتلكات، وهذا يتناقض مع ما دأب نتنياهو على التهديد به من أنه سيحرق لبنان إذا تعرضت قواته لضربة من حزب الله.
المقاومة الإسلامية سدّدت الدفعة الثانية من الحساب، في إسقاط و"اعتقال" مسيّرة إسرائيلية كانت في مهمة استخبارية عند الحدود، وأعلنت المقاومة الإسلامية في بيان لها أن مجاهديها تصدّوا بتاريخ الاثنين 9/9/2019 "بالأسلحة المناسبة لطائرة إسرائيلية مسيّرة أثناء عبورها للحدود الفلسطينية - اللبنانية باتجاه بلدة رامية الجنوبية، حيث تم إسقاط الطائرة المسيّرة في خراج البلدة وأصبحت في يد المقاومين". وهكذا استطاعت المقاومة مرة أخرى فرض قواعد اشتباك جديدة للمرة الأولى في السماء كما على الأرض، ما يؤسس لمعادلة ردع جوّية تعطي الحق للمقاومة في التصدّي لأي خرق جوي، مع الإشارة إلى أن إسقاط الطائرة المسيّرة كان "جزءاً من الردّ وليس كلّه"، وللمقاومة أن تحدّد القرار المناسب في إسقاط أي طائرة مسيّرة تخترق السيادة اللبنانية أو عدم إسقاطها، بالطريقة التي تستنزف العدو وتُشعره بأنّ مسيّراته معرّضة عند كل طلعة لاحتمال عدم عودتها إلى قواعدها.
وفي هذا السياق، أعلن بيان للمقاومة الإسلامية أنه "عند الساعة الثانية و5 دقائق من بعد ظهر يوم الخميس ٣١ تشرين الأول ٢٠١٩، تصدّى مجاهدو المقاومة الإسلامية بالأسلحة المناسبة لطائرة مسيّرة معادية في سماء جنوب لبنان وأجبروها على مغادرة الأجواء اللبنانية".
وهذا التطوّر المستجدّ خضع لقراءة معمّقة من قبل الدوائر العسكرية والأمنية للعدو، بحيث أجبر سلاح الجو الإسرائيلي على إجراء تعديلات وتغييرات في مسارات الطيران الإسرائيلي في لبنان، والمسافات والطرق والارتفاعات التي يقطعها، بحسب ما أفاد تقرير بثته الإذاعة الإسرائيلية، وذلك بغية تفادي تعرّض الطائرات الإسرائيلية لضربات من المضادات التابعة لحزب الله. أما صحيفة "يسرائيل هيوم" فقد ذكرت في تقرير نشرته بتاريخ 7 تشرين الثاني أن "تغيير سياسات حزب الله، التي انعكست بإطلاق صاروخ نحو الطائرة المسيّرة، هو بمثابة محاولة لبلورة ميزان ردعٍ جديدٍ مقابل الجيش الإسرائيليّ، مما يفرض على إسرائيل إعادة تقييم سياسات استخدام القوة في المنطقة"، لافتةً إلى أنّ "التقدير في تل أبيب كان أنّ نصر الله عاقد العزم هذه المرة على تنفيذه تهديداته كجزءٍ من محاولاته لتحديد قواعد واضحة من المسموح والممنوع بين إسرائيل وحزب الله".