قيل السّواتر تعرف وقعَ خطواته آتيًا ساحات الاشتباك، مقاتلًا في سبيل الحقّ، محاربًا من أجل كلّ المستضعفين في الأرض.. واليوم، بكته السواتر..
وقيل الشّام المخضّبة بجراح ذوي القربى، وبظلم تآمرهم الأشدّ، صاح عند الفجر ياسمينها "يا أخاه أحقًّا ذهبت!".
وقيل فلسطين المزيّنة بسلاح فيه من طهر يده بصمات، ضمّت قدسها بكلّ كفوف الشهداء، وعند الفجر نزفت مطرًا ودمعًا.. ثمّ كفكفت بكفّه القدسية حزنها ولوّحت له.. ومن كالقدس يجيد التلويح دمعًا للشهداء!؟
قيل، أيّها الغاضب للحقّ أبدًا، إنّ الغيم المرصّع بصلوات ليلة الجمعة حمل روحك نحو سماء أهلُها أحبابك، أهلُها رفاقك، وأهلها آل بيتٍ علّم الدّنيا أن الدم مهر الحق، وأن من بئر الحزن يسطع صوت يقول "ما رأينا إلّا جميلا".
لا يخجلنا الدّمع والمصاب على هذا القدر من الإيلام، وإن علمنا ونعلم، أنّك حملتَ دمك أمانةً لن تسلّمها إلا على محراب الحق دفاعًا عن كلّ مستضعف في العالم، حتى أولئك الذين غشيت قلوبهم عن حبّك، وعن الشعور بفيض العاطفة في عينيك اللتين تشيران إلى النّصر أن كُن فيكون.. لا يربكنا تلعثم الكلمات فيما نحاول أن نصيغ الخبر بدون أن نبلّله بهول اليتم، وبماء القلب إذ تنفجر وترجو الله أن يكون خبرًا لن يتمّ تأكيده..
لا يخيفنا أن نقولَ على الملأ إنّ كفّك التي انقبضت فوق تراب العراق حوت قطعة من كلّ قلب حرّ، ومن كل عشق صادق، ومن كل روح حلّ اغتيالك عليها كجرح لن يلتئم..
ولا نكابر حين نقول إنّ لا فراغ بعدك، وإن من سيخلفك سيكمل من حيث ارتفعت، وحين نوقن بكل ما فينا أنّ قاتلك سيقضي زمانه نادمًا على فعلته، وأنّه بارتكاب كهذا عجّل في زواله من كل بلادنا، وكتب لجنوده العودة بتوابيت، وندم..
أسلم الأمانة في عراق الأئمة، حيث الأرض التي تنطق بصبر الأولياء، وبتعب الأولياء، وبكلّ جميل رآه الأولياء.. ولا بد ابتسم للهيب القصف قبيل التحامه بجسده، وتمتم سرًّا أن أهلًا بالشهادة في سبيل الحق، ثم ارتفع.. ارتفع إلى حيث صديقه العماد.. عماد الذي ما جفّ جرح ارتحاله فينا.. ولا جفّ في قلبه الذي قبل أشهر قليلة بكاه صديقًا ورفيقًا وشريكًا في المعركة ضد الأميركي، حيث يكون.. عماد الذي لا بد استقبل في عليائه اليوم رفيقين أخوين.. الحاج قاسم سليماني ورفيقه أبو مهدي المهندس، نائب رئيس الحشد الشعبي، رفيق الدرب والحرب.. كأنّ عهد الأخوّة بينهما قد تمّ فجر الجمعة "لن أدخلها إلّا وأنت معي..." فدخلاها وآلاف الإخوة الشهداء باستقبالهما.. دخلاها وألوف الدمعات تمطر دربهما بالوجع الجميل، بالوداع الجليل، وبالوعد، الوعد الأصدق، أنّ اقترب أذان الحرية في كلّ أرض حلّت عليها لعنة الأميركي..
أما هنا، في الأرض حيث تُعرف قلوب أهلها بمن تبكي، وبمن تحب، "فلا وقت للعزاء" قالها السيد الخامنائي.. فالشهادة أمرٌ منتظر ومتوقّع، والردّ خطوة على طريق مصرع الأميركي.. "لا وقت للعزاء"، فمنذ متى كان حزن أهل الحقّ يؤخّر طلبهم للثأر؟ "لا وقت للعزاء" فالحرب قائمة والوجع ذخيرة أهل الحق يرتبونه طلقات لا تقع إلا في صدر العدو ولا تصيبه إلّا في مقتل.. "لا وقت للعزاء" والثأر لن يتأخر.. فبعيون القلب نشهد من الآن الأميركي يتحسّس موضع رأسه ويقول "ليتني ما فعلت.."
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع