منذ الرابع من آب الماضي كان لا بدّ من تجنّب مقاربة حادث المرفأ في بيروت لسببين: 
الاول ان احدا لا يملك معطيات ملموسة حول ما اذا كان الحادث بفعل فاعل او هو حادث عرضي لشتى الاسباب. 
والثاني ان الغاية من التفجير لا تبدو واضحة  ولا  تغير تداعياته في موازين القوى الداخلية، وان كانت تزيد في تازم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للبنانيين، في ظل ما يتعرضون له من حصار وعقوبات مفروضة تساهم قوى سياسية ومالية لبنانية فيها وتحاول ترجمتها لتحقيق اهداف سياسية تنال من المقاومة وحلفائها. 
الا ان شطحات البعض في تصوير هذا الحادث على انه بداية هجومية تهدف الى منع لبنان من تجاوز أزمته ونقل دور مفترض له في اعادة إعمار سوريا انطلاقا من المرفأ او ايجاد المبرر لانتقال دور مرفأ بيروت الى مرفأ حيفا ففيها الكثير من التصورات والأوهام التي لا تتفق مع الوقائع الملموسة. 
من هنا السؤال الواقعي الاول ماذا دمر الانفجار في مرفأ بيروت؟ -لا اتحدث عن الضحايا- انما كم رصيفا دمر وكم عنبرا وما تكلفة اعادة بنائها ماليا وزمنيا قياسا بالدور المفترض لهذا الميناء؟
من يجهل ان ميناء بيروت لم ينمُ فيه اي رصيف ولم يلحظ له دور حقيقي في خطة اعادة الإعمار  بعد الحرب الأهلية ومعدات التحميل والتفريغ تأكلها الصدأ وهو بقيمته وفعاليته لا يتجاوز الموانئ الفرعية في صيدا وطرابلس؟ 
ثانيا: من قال ان لميناء بيروت دورا ملحوظا او أساسيا في اعادة إعمار سوريا ؟!. هل تفتقر سوريا الى ساحل على البحر المتوسط؟ وهل موانئها غير مؤهلة لاستقبال مواد الإعمار؟. واذا افترضنا ان العقوبات على سوريا تمنع استخدام موانئها فهل تسمح باستخدام ميناء بيروت؟!. 
ثالثا: في الدور المفترض المهرب الى حيفا، من قال ان مخططات جعل بوابة ومركز التبادل بين المنطقة والغرب عبر الكياني الصهيوني مرهونة بميناء بيروت ولو كان اكثر الموانئ تطورا من الموانئ في شرق المتوسط؟ 
لسنا بحاجة للتبصير في مواجهة التحديات التي تمليها علينا التطورات والصراع في منطقتنا وعلينا تجاوز الفرضيات غير الواقعية وأوهام استعادة دور للبنان ان كان ثمة من دور سابق تجاوزه الزمن ولم يعد الكيان اللبناني يمثل حاجة للعمق الجغرافي بما فيه من اصدقاء واعدقاء كما انه فقد قيمته كموطئ قدم لصانعيه في الغرب الاستعماري وإن كان من بقية تثير لعاب فرنسا هي النفط والغاز ومغلفة بالحنان والأمومة فهذه دونها مسارات بعيدة المدى ولم يحن أوانها بعد. 
ان التوجه نحو التكامل مع العمق المباشر الممثل بسوريا اقتصاديا وسياسيا واجتماعياً هو طريق الخلاص الواقعي والوحيد والأقل تكلفة في المعاناة وفي الوقت.

المصدر: خاص شاهد نيوز

المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع