ثمّ تحدّث في الجمعِ المسمّى بالأمم المتّحدة ملكٌ من طينةِ العار وسلالة الذلّ.. وأصغى المستمعون باحتقارٍ دوليّ إلى خطابٍ يعرفون جميعًا أنّه خطابُ العاجز النّكرة، الفاشل إلّا في الارتهانِ الذليلِ لأوامرِ ولاة أمره من البيت الأبيض إلى أصغر موظّف في دائرة حكومية غربية، والعميلِ الذي يهبُ أرباحَ نفطِ بلادِ الحجاز وينهبه لصالحِ القوى التي تكفل له حمايةَ حكمه واستمراره.
تحدّثَ فيهم مصدّقًا أنّه خطيبٌ وأنّهم له ينصتون،. وللأمانة، تلا بكلّ لهفة ما كُتب له من صياغات صهيونية.. وحين وصل إلى الفقرة المتعلّقة بحزب الله، لا شكّ أنّه تخيّل تصفيقًا حادًا من صوب معلمّيه، جاهلًا تمام الجهل أنّهم يعلمون أنّه يتحدث في شأن لا يستطيع حياله شيئًا، ولا بدّ مرّ بأذهانهم مشاهد البطولات اليمنيّة والتي سطّرها حفاة كرام ولقنّوا عبرها عسكر الدمى التابع لبني سعود دروسًا على هيئة صفعات.
الملك المتهاوي ذو العرش المبنيّ على عظام ودم المظلومين من أهل نجد والحجاز وسائر أهل الجزيرة العربية، كان اشترى لنفسه كتيبة من غلمان وجوارٍ وأبواق وماسحي بلاط من إعلاميين وسياسيين و"مثقفين" من كلّ البلاد العربية. وظّف بعضهم في مؤسسات تمتلكها أو تموّلها دولته، وترك البعض الآخر على مقاعد الاحتياط الوظيفي ريثما يثبتون أهليتهم بالنذالة وجدارتهم بالخيانة. وهؤلاء، من أهمّ أدوارهم العلنية تأمين الجو الإعلامي والسياسي والثقافي الذي يروّج لآل سعود، ويجمّل إذا استطاع أعمالهم القبيحة. يحاول هؤلاء الظهور بمظهر من يمارس قناعاته بالتطبيل لملك من طينة سلمان، ولكن على الرغم من ذلك، لا شكّ بأنّهم يدركون في لحظة مصارحة مع الذات أنّ هذه "القناعات" لا تقنع أحدًا، بل وأكثر من ذلك، لا شكّ أنّهم في برهة صدق يحتقرون أنفسهم أكثر بكثير مما نحتقرهم وملكهم.. دعنا منهم، على المرء أن يتحمّل مسؤولية خياراته، وكلّ فرد يستحق دائمًا وعن جدارة نتائج خياراته. لذا، الحقير يستحق أن يحتقر ذاته.
إلى جانب فرقة المطبّلين المدفوعة الأجر سلفًا، يقف صفٌّ من الحقراء الذين لم يحظوا بفرصة الظهور أمام البلاط الملكي لإثبات جدارتهم.. هؤلاء يقتنصون فرصة "خطابه" ليتسابقوا إلى التملّق وتمسيح البلاط عسى يحظون بفرصة بيع أنفسهم، وإن بأسعار متهاودة أو بمقايضات عينيّة. تراهم يحملون جملة ركيكة من خطابه المفكّك ويطوفون بها كما لو أنّ سلمانهم نطق بجوهرة، أو يصوغون نصًّا بحثيًا حول دلالات خطابه ويضعون له عنواناً جذاباً: ما وراء الكلمات، ما فوق الحروف، ما تحت النقاط.. مثلًا!
في المرتبة الثالثة، يقف طابور ممّن اعتادوا رفع شعارات "سيادة الدّولة" و"رفض التدخّل الخارجي" وتجييرها لصالح ما يريده بنو سعود من مواقف جاهزة وتحت الطلب، فتراهم عادةً يهرعون إلى النواح في الصف الأوّل إذا ما صرّح سفير الجمهورية العربية السورية تصريحًا أتى فيه على ذكر اسم منطقة لبنانية.. يبكون من هول حرصهم المفجوع على حرمة أسماء المناطق، ويصل الأمر ببعضهم حدّ الانهيار عصبيًا من فرطِ التمسّك بالسيادة وقد يتطلب الأمر تدخّلًا طبيًّا طارئًا لتهدئة روعهم. هؤلاء، وجدوا أنفسهم محرجين، يبحثون عن أي شيء يقولونه بحيث يخفون خوفهم من التفوّه ببنت شفة تدين تدخّل سلمانهم.. تراهم يفتعلون اشكالًا وهميًا مع أنفسهم عسى يمرّ الوقت أسرع قليلًا وبحيث لا ينتبه لهم الناس أنّهم حرفيًا ابتلعوا ألسنتهم.

وبعد، يتجرّأ كلّ هؤلاء على وصف سلمان بالملك العربي، وجميعهم يعرفون أنّ بين سلمانهم الذاهب إلى التطبيع العلني بعد تاريخ من خدمة الصهيوني بالسرّ، وبعد أن دفع إليه قبله آل خليفة من البحرين وآل زايد من الإمارات، والغارق في رمال اليمن المظلوم العزيز الحرّ والمتورّط في دمنا في سوريا والعراق ولبنان عبر تمويل الشبكات الإرهابية التكفيرية، وبين مفهوم العروبة بكلّ ما يحوي من قِيم عليا، مسافة كالتي تفصل قاع العار والخزي عن قمم العز والشرف.. ويعرفون أن سليل ذاك القاع لن يبلغ ولو بنظره تلك القمم.

المصدر: خاص شاهد نيوز

المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع