بعد مئة وأربعة أيام من الإضراب عن الطعام، تمكّن ماهر الأخرس من انتزاع حريّته من براثن السجّان إذ فرض على الاحتلال إطلاق سراحه وإنهاء اعتقاله الإداري في يوم السادس والعشرين من الشهر الجاري.
تداول الناشطون مقاطع الڤيديو التي تظهر فيها صغيرته "تُقى" وهي تقوم بإطعامه بين ضمّة وضمّة، والتي وثّقت تعب جسده وقوة روحه وهو يتمتم حمدًا وفرحًا، وأرفقها المحبّون بالتهاني والتبريكات وعبارات الفرح وشارات النصر. ولكن، دخل إلى إطار المشهد الحافل بالعزّ شواذات حاولت تشويه انتصار البطل ماهر الأخرس، أو التقليل من أهمية ما تمكّن من تحقيقه في معركته ضد الاحتلال. ويكفي النظر إلى اللقب الذي حاول هؤلاء إلحاقه بالبطل، كي تتضح صورتهم وخلفياتهم وربما تكافلهم مع الاحتلال ضد صوت الأسير الأخرس برغم كلّ ما عاناه وسائر الأسرى. لقد سمّوه "الشبّيح".
بدأت القصة حين وجّه ماهر الأخرس خلال اضرابه عن الطعام رسالة حبّ إلى الدولة السورية. وبسرعة البرق انقلب ضدّه من كان من المفترض أن يكونوا أول الداعمين له. فالوعي الشديد الذي يحمله الأخرس جعله ينطق بالحق ولو بيدين مغلولتين في "كلبشات" الاحتلال. ببساطة هو يعلم أن اليد التي تقيّده هي نفسها اليد التي امتدت عبر التكفيريين لتقيّد سوريا كلها، ويعلم أن كلّ ما جرى على الدولة السورية هو عقاب لها على دعمها لفصائل المقاومة وحمايتها لرموزها. هو يعرف أن سوريا كانت ولا تزال الكتف التي سندت كلّ فدائي في فلسطين، ولذلك لم يرضَ أن تكون معركته، معركة الأمعاء الخاوية، منفصلة عن المعركة التي تخوضها سوريا، نظامًا وشعبًا ضدّ المرتزقة الذين ارتدوا عباءة التكفير وجاؤوها من كلّ بلاد العالم.. أراد ماهر أن يضع معركته في الأسر في سياقها الطبيعي والحقيقي، فغضب منه كل الذين تآمروا على سوريا أفرادًا وجماعات.. وهبّوا على منصات التواصل كي يحاولوا تشويه صورته المشرقة، وأطلقوا عليه اللقب الذي سبق وأطلقوه على كلّ حرّ أدرك حقيقة ما يجري في سوريا ودافع عنها ولو بكلمة حق.. شبّيح؟!
في بداية الحرب على سوريا، عمد المرتزقة وأعوانهم إلى استفزاز المؤيدين لسوريا الدولة عبر توصيفهم بهذا اللقب، فحوّلوه دون أن يدروا إلى وسام شرف لا يناله إلّا من عرف طريق الحق ولم يسقط في فخ الشعارات التي كانت كلام حق يراد به باطل.
انتصر ماهر رغم كلّ الإنهاك الذي أصاب جسده ورغم دخوله في إضرابه عن الطعام مرحلة الخطر الشديد على الحياة ورغم طعنات ذوي القربى ممّن تشفّوا بأنينه فقط لأنه قال كلمة الحق والحب، وصمدت سوريا وقاتلت رغم جراح المجازر المروّعة ورغم تكاثر الوحوش الإرهابيين على أراضيها واجتماع مرتزقة العالم ضدّها ورغم ظلم ذوي القربى الذين موّلوا وجهّزوا ودعموا كل العصابات التكفيرية فيها عقابًا لها على موقف الحق والحب تجاه فلسطين.. وبالتالي، سيكون من السهل استنتاج الحقيقة التي يريد الصهاينة وأدواتهم تغييبها وتجهيلها. هذه الحرب هي حرب واحدة، يخوض كلّ منّا معركته فيها بما أوتي من قدرة وسلاح، والنصر في معركة يصبّ نصرًا في المعارك الأخرى حتى تحقيق النصر الأعلى والأخير.
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع