منذ أن أعلنت مؤسسة القرض الحسن عن مشروع الصرّاف الآلي الذي يسمح للمودعين فيها بسحب أموالهم وبالعملة التي فتحوا فيها حساباتهم، لم يهدأ بال الإعلام الداعم للنظام المصرفيّ في لبنان، بل لم يهدأ بال عوكر التي توزّع التعليمات للإعلام العامل لديها، ويبدو أن من ضمن هذه التعليمات مهاجمة المشروع بكلّ الطرق.
بالمبدأ، سحب الأموال من الودائع المالية هو حقّ طبيعي للمودع، ولكن شاءت منظومة المصارف منعه عن زبائنها تنفيذًا للأوامر الأميركية بحصار لبنان. ومؤسسة القرض الحسن، وإن كانت جمعية تُعنى بالإقراض وتيسير أمور الناس ماليًا، فهي ليست جزءًا من النظام المصرفي، ولن تكون، وبالتالي هي غير خاضعة لأي من القوانين التي يضعها الأميركيون، بل هي معنية بكسر قيود الحصار وتحرير الناس من حبل المصارف الذي اشتدّ حول رقابهم كمشنقة.
ولهذا جُنّ جنون القنوات العاملة في خدمة الحصار الأميركي، وأخذت تتسابق في نيل حصّة المبادر إلى تنفيذ الهجوم الذي تنظمه عوكر - العقل المدبّر للنظام المصرفي - على خطة القرض الحسن، إلّا أنّ توقيت عرض التقارير المسمومة تزامن بين قناتي LBC و MTV، وبالتالي يبدو أن الأجر سيُقسم بينهما بدون أي أفضلية لإحداهما على الأخرى. وثمّة احتمال أن يكون التقريران قد تمّ عرضهما بتنسيق مسبق بين القناتين المذكورتين على سبيل توحيد الجهود بمواجهة مشروع يسعى إلى تحرير النّاس عبر حماية حقّهم باستيفاء ودائعهم الموجودة لديه. وبالتالي، هذا المشروع لا يمسّ أصلًا بالمصارف التي فقدت ثقة المودعين فيها ولا سيّما من متوسطي الدخل. نكرر، هو مشروع منفصل تمامًا عن النظام المصرفي، والودائع الموجودة فيه هي ودائع اختار أصحابها أن يضعوها في هذه المؤسسة بالذات، ولأسباب مختلفة ومنها كونها مؤسسة غير ربوية، ومنها أيضًا كونها المؤسسة التي راكمت الثقة بينها وبين المتعاملين معها منذ أول مشروع قامت به.
وبما أن التقريرين جاءا في سياق واحد، فقد كانا متشابهين من ناحية وضوح التعليمات الأميركية في أهدافهما، ومن ناحية اللغة التحريضية ضد المؤسسة التابعة لحزب الله ومن خلالها ضدّ كلّ بيئة المقاومة، ومن ناحية إبداء الحرص الشديد على حماية النظام المصرفي الذي سلب ودائع الناس "على عينك يا تاجر" ويرفض المساءلة أو الخضوع لأي تدقيق مالي، وما كان تطيير التدقيق الجنائي وبوقاحة موصوفة إلا حلقة من حلقات إحكام قبضة المصارف على كل ما بقي من مدخرات الناس المودعة لديها.
بكلّ الأحوال، ما يرتكبه الإعلام الخاضع يشبهه، يشبه أسباب وجوده ويشبه كونه أداة، مجرّد أداة تحرّكها الولايات المتحدة الأميركية عبر عوكر، وهو جزء من الحرب الإعلامية التي يبذل فيها العدو كلّ إمكاناته لتشويه صورة المقاومة وبيئتها ومؤسساتها. الجميل في الأمر أن القافلة تسير، ستظلّ تسير، وأن الصورة تزداد مع كل هجوم بريقًا وسطوعًا، فما كان لله ينمو، وما كان لأميركا وأدواتها يواصل سقوطه سواء في السياسات والمواقف، أو بمعايير المهنية والاحتراف الإعلامي، ولم يكن تقريرا الأمس إلّا إنعكاس سقوط جديد، متجدّد، يشير إلى سقطات كثيرة سبقت وأخرى ستأتي.. ودئمًا سيخيبون.. حتمًا سيخيبون.
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع