أيامٌ تفصلنا عن نهاية ولاية الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب وبدء حقبة الرئيس المعلن فوزه في الانتخابات الأمريكية جو بايدن. والدول التي عولت على بقاء دونالد ترامب في سدة الحكم ورسمت أهدافها وطموحاتها على هذا الأساس، اليوم هي في صدمة وتحاول استغلال الأيام المتبقية لولايته بهدف الاستعداد لقدوم بايدن. ومن هذه الدول المملكة العربية السعودية والتي تعتبر من أكبر المتضررين، لذلك فإن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يعمل على تحسين صورته أمام إدارة بايدن وقد تركزت جهوده على ثلاثة ملفات وهي: البيت الداخلي السعودي، والأزمة الخليجية، وحرب اليمن. وما يؤرقه هو البيت الداخلي لأن لديه ثلاثة أمور ستحدد مستقبله السياسي: المعتقلون الحقوقيون، قضية جمال خاشقجي، قضية الأمراء المعتقلين، وهذه الأخيرة هي بيت القصيد، فهل يقدم محمد بن سلمان على تصفية الأمراء الذين ببقائهم يرسمون نهاية حلمه باعتلاء عرش المملكة؟
ولي العهد السعودي لديه مخاوف كبيرة بل قناعات بأن "جهاز المخابرات الأمريكية يسعى لتصفيته ـ على الأقل سياسياً ـ وإعادة محمد بن نايف للواجهة مرة أخرى كون الأخير مقرباً منه. والديمقراطيون ماضون نحو تصفية الحساب معه، بسبب انتهاك حقوق الإنسان، والتجزير بالمدنيين في اليمن، دون أن ننسى قضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي" حسبما أوردت صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية.
وما يعزز مخاوف ابن سلمان من بقاء محمد بن نايف على قيد الحياة هو علمه بأن "الدولة العميقة الأميرکية التي يمثلها جو بايدن وخاصة وکالة المخابرات المرکزية الأميرکية تعتقد ان محمد بن نايف رجل دولة وکل تقاريرها ايجابية تجاهه وسلبية جداً تجاه محمد بن سلمان، فالمنصب الذي كان يشغله ابن نايف خوله مد شبكات من العلاقات بينه وبين الديمقراطيين في الولايات المتحدة كونه أشرف على ملفات مخابراتية عدة مشتركة بين البلدين، وفوز الرئيس الديمقراطي يحيي آمال محمد بن نايف السياسية، ويجعل منه خصما قويا جداً يمكنه الإطاحة بمشروع ابن سلمان السياسي.
والخطير ما قام به محمد بن سلمان مؤخراً، حيث نقل الأميرين السعوديين أحمد بن عبد العزيز ومحمد بن نايف إلى سجنٍ في الصحراء، وهذه خطوة تمهد لعملٍ ما يخطط له ولي العهد بشأن طريقة التخلص منهما لما يشكلان من تهديد له. وقد راج أن التهمة التي ألصقها بهما هي التآمر للإطاحة به قبل وصوله إلى العرش، ولكن بعض المصادر تراجعت في وقتٍ لاحق، قائلةً إنه تم القبض عليهما بسبب تراكم سوء السلوك والفساد حالهما حال أمراء الريتز.
بناءً على ما سبق يمكن القول إن محمد بن سلمان أمام أيام تشكل له الفرصة الذهبية للتخلص من خصومه والإبقاء على آماله في اعتلاء العرش السعودي، كون أي إدارة أمريكية ستأتي (بايدن، أو ترامب في حال عودته بمعجزة) لن تجد سواه على الساحة السعودية، إما عن طريق تخلصه من الأمراء فهو واقع بين خيارين الخيار الأول التصفية الجسيدية والخيار الثاني التصفية السياسية بحكم قضائي يضمن بقاء الأمراء في السجن لحين وفاتهم. في الخيار الأول هو يستند إلى تهمة التآمر والخيانة العظمى وهنا الحكم بالقتل الأكيد وإن حصل ذلك ستكون سابقة في الحكم السعودي لم يشهد منها من قبل ويمكن أن تدور الدائرة عليه فيما بعد، كما أن خبر انتحار الأميرين بسبب عدم قدرتهما على تحمل التهمة واردٌ أيضاً وبهذا الخيار يكون قد مسح كفيه من دمهما، والخيار الثاني إتهامهما بالفساد والحكم عليهما بالسجن لسنواتٍ طوال. لكن هذا الخيار لن يريحه من كابوس خطرهما على أحلامه. فقتلهما جسدياً وسياسياً أمرٌ لا مفر منه، لكن يبقى السؤال المطروح أي الخيارات سيختار ولي العهد؟
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع