مَن لم يعرف "آدو"، أدونيس نصر، القومي السوري الشجاع في لقاء سياسي شبابيّ أو في نقاش "ثقيل"، لا بدّ يعرفه شهيدًا.. فأدونيس، الذي يتمّ اليوم عامه الخامس نسرًا مستشهدًا، دخل البيوت والقلوب من بابها الأوسع في ١٨ من شهر شباط ٢٠١٦.
"شهيد، زفير.. الوطن يتنفّس".. كتبها أدونيس قبيل أيام من ارتقائه شهيدًا في ريف اللاذقية. بدا وكأنّه يعدّ نفسه ليصير جزءًا من الهواء الذي تتنفسه البلاد.. وإن كان الشهيق استشهاده، فالزفير كان شهقة تردّدت أصداؤها في كلّ مكان عرفه، في كلّ قلب أحبّه، وفي كلّ عقل خاض معه حديثًا أو جدالًا..
المسؤول الإعلامي في "نسور الزوبعة"، الجناح العسكري للحزب السوري القومي الاجتماعي لم يكن طبعًا الشهيد القومي الأوّل في معركة سوريا، وحتمًا هو ليس الأخير. فمَن يتابع مسار القوميين السوريين في لبنان يعرف جيّدًا أنّهم جزء من المعركة الكبرى وفي الجانب الأنقى والأوضح، في الجانب الذي يتخطّى الموقف السياسيّ النظيف ويتخطى التحالفات "السياسية" ويقع في صلب العقيدة "السورية".
منذ استشهاده، يتناقل أحبّة ادونيس، رفقاؤه ورفاقه وأصدقاؤه، صورًا وحكايات جمعتهم إليه. وككلّ الشهداء، صار أيقونة يضمّونها بأذرع قلوبهم، يحادثونها ويتحدثون إليها، ويستعيدونها في كلّ موقف وعند كلّ محطة ومفترق. لذلك، كان من السّهل تمييز وجهه حاضرًا في تحية القوميين وأكاليل وردهم عند ضريح الحاج رضوان في ذكرى استشهاده، وفي كلّ خطاب "قوميّ" يتناول العمل المقاوم ووجودية الصراع مع الصهاينة.
واليوم في الذكرى الخامسة، والتي تحلّ في زمن كثرت فيه السهام المحليّة التي تستهدف المقاومة وبيئتها، وفي زمن ذكرى القادة الشهداء التي أحياها رفقاء أدونيس بحبّ خالص وبتقديرٍ قوميّ الطابع والوجهة، وأيضًا في زمن تكثفت فيه حدّة أبيض الصراع وأسوَده وضوحًا ورؤيا، عادت تجليّات أقدار الشهداء التي لا يمكن لها أن تكون عادية، ففي يوم ذكرى ارتقاء أدونيس أغمض والده القوميّ الصّلب "ابو صنّين" عينيه اللّتين احتضنتا عزّ استشهاد الابن ببأس وفخر، وانتقل إلى السماء معزّزًا بسيرة حياة مشرّفة وبابن شهيد..
منذ الصباح الباكر، حلّت صورة أدونيس نصر بديلًا عن عبارة "صباح الخير" على منصات التواصل، مرفقة بكلمات تستعيد آدو وتلقي على ذكراه الورد والتحايا، وسرعان ما أُرفقت بنعي أبيه الجبل الذي وافاه في يوم الذكرى إلى السماء.. الثامن عشر من شباط، هو يوم أدونيس بعيون مَن عرفوه رفيقًا أو صديقًا أو زميلًا أو متكلّمًا لافتًا، وبعيون من تعرّفوا إليه شهيدًا، وهو يوم "السلاح" السوري القوميّ الذي لم يخطىء يومًا بوصلته ووجهته، وهو يوم يلزمنا بترداد التحية النقيّة "تحيا سوريا" على ذكرى أدونيس، فهي أحبّ إليه من الورد ومن الكلمات المنمّقة.
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع